ثقة فيما يؤدي عن الله، ومن قرأ بالضاد فمعناه ببخيل، أي: أنه يخبر بالغيب فيبينه ولا يكتمه، كما يكتم الكاهن حتى يأخذ عليه حلوانًا.
ثم ذكر أنه ليس من تعليم الشيطان، فقال: ﴿وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ﴾ [التكوير: ٢٥] قال الكلبي: يقول: إن القرآن ليس بشعر، ولا كهانة، كما قالت قريش.
ثم بكتهم بقوله: فأين تذهبون قال الزجاج: معناه: أي طريق تسلكون أبين من هذه الطريقة التي قد بينت لكم؟ ثم بين أن القرآن ما هو، فقال: ﴿إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ﴾ [التكوير: ٢٧] يقول: ما القرآن إلا موعظة للخلق أجمعين.
﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ﴾ [التكوير: ٢٨] على الحق والإيمان، والمعنى: أن القرآن إنما يتعظ به من استقام على حق.
ثم رد المشيئة إلى نفسه، فقال: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [التكوير: ٢٩] أعلمهم أن المشيئة في التوفيق إليه، وأنهم لا يقدرون على ذلك إلا بمشيئة الله وتوفيقه، وهذا إعلام بأن الإنسان لا يعمل خيرًا إلا بتوفيق الله، ولا شرًا إلا بخذلانه.
أخبرنا أبو بكر التميمي، أنا أبو الشيخ الحافظ، نا أبو يحيى، نا العسكري، نا عبد الله بن المبارك، عن سعيد بن عبد العزيز، عن سليمان بن موسى، قال: لما نزلت: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ﴾ [التكوير: ٢٨]، قال أبو جهل: الأمر إلينا، إن شئنا استقمنا، وإن شئنا لم نستقم.
فأنزل الله عز وجل: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [التكوير: ٢٩].