خسست منزلة الكفار بأنهم محجوبون عن الله تعالى.
ولما أعلم أن المؤمنين ينظرون إليه في قوله: ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣] أعلم أن الكفار محجوبون عنه.
ثم أخبر أنهم بعد حجبهم عن الله تعالى يدخلون النار، وهو قوله: ﴿ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ﴾ [المطففين: ١٦] وتقول لهم الخزنة: هذا العذاب، ﴿الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ [المطففين: ١٧].
﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ {١٨﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ ﴿١٩﴾ كِتَابٌ مَرْقُومٌ ﴿٢٠﴾ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ﴿٢١﴾ إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴿٢٢﴾ عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ ﴿٢٣﴾ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ﴿٢٤﴾ يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ ﴿٢٥﴾ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴿٢٦﴾ وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ ﴿٢٧﴾ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ﴿٢٨﴾ } [المطففين: ١٨-٢٨].
قوله: كلا قال مقاتل: لا يؤمن بالعذاب الذي يصلاه.
ثم أعلم أين محل كتاب الأبرار، فقال: ﴿إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ﴾ [المطففين: ١٨] يعني: المطيعين له، لفي عليين قال المفسرون: يعني: السماء السابعة.
قال الفراء: ﴿عِلِّيِّينَ﴾ [المطففين: ١٨] : ارتفاع بعد ارتفاع، لا غاية له.
وقال الزجاج: أعلى الأمكنة.
وإعراب هذا الاسم كإعراب الجمع، لأنه على لفظ الجمع، ولا واحد له من لفظه، نحو ثلاثين، وعشرين، وقنسرين.
١٣٠٤ - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، نا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدٍ، نا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلَوَيْهِ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى، نا الْمُسَيِّبُ الْأَعْمَشُ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «عِلِّيِّينَ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ تَحْتَ الْعَرْشِ»
وقوله: ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾ [المطففين: ٢٠] ليس بتفسير عليين، وهو يحتمل تأويلين: أحدهما: أن المراد به كتاب أعمالهم، كما ذكرنا في كتاب الفجار، والثاني: أنه كتاب في عليين كتب هناك ما أعد الله لهم من الكرامة والثواب، وهو معنى قول مقاتل: مكتوب لهم بالخير في ساق العرش.
ويدل على صحة هذا قوله: ﴿يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ [المطففين: ٢١] يعني: الملائكة الذين هم في عليين يشهدون، ويحضرون ذلك