يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ ﴿١٨﴾ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ﴿١٩﴾ } [الشورى: ١٧-١٩].
﴿اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ﴾ [الشورى: ١٧] القرآن، بالحق بما ضمنه من الأمر والنهي، والفرائض، والأحكام وكله حق من الله تعالى، وقوله: والميزان قال قتادة، ومجاهد، ومقاتل: العدل.
وسمي العدل ميزانا، لأن الميزان آلة الإنصاف، والتسوية بين الخلق، قال ابن عباس: أمر الله تعالى بالوفاء، ونهى عن البخس.
وقال مقاتل: وذكر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الساعة، وعنده قوم من المشركين، فقالوا: متى تقوم الساعة؟ تكذيبا بها، فأنزل الله تعالى: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ﴾ [الشورى: ١٧].
وقد تقدم هذا في آخر ﴿ [الأحزاب.
] يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا﴾
[سورة الشورى: ١٨] لأنهم لا يخافون ما فيها، إذ لم يؤمنوا بها، فهم يطلبون قيامها إبعادا لكونها، ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا﴾ [الشورى: ١٨] قال مقاتل: لأنهم لا يدرون على ما يهجمون.
وقال الزجاج: لأنهم يعلمون أنهم محاسبون، ومجزيون.
﴿وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ﴾ [الشورى: ١٨] أنها آتية لا ريب فيها، ﴿أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ﴾ [الشورى: ١٨] يدخلهم المرية والشك، ﴿فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ﴾ [الشورى: ١٨] حين لم يفكروا، فيعلموا أن الله الذي خلقهم أولا، قادر على بعثهم.
﴿اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ﴾ [الشورى: ١٩] حفي، بار، رفيق بأوليائه وأهل طاعته، وقال مقاتل: لطيف بالبر والفاجر، لا يهلكهم جوعا.
يدل على هذا قوله: ﴿يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ﴾ [الشورى: ١٩] فكل من رزقه الله تعالى من مؤمن وكافر،


الصفحة التالية
Icon