عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ التَّاجِرُ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْحَافِظُ، نا شختويه بْنُ مازيار، نا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، نا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، نا يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ ذَاتَ يَوْمٍ غَدَوْتُ عَلَيْهِ: يَا أَبَا الْأَسْوَدِ، أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ الْيَوْمَ وَيَكْدَحُونَ فِيهِ، أَشَيْءٌ قَدْ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ؟ أَمْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُونَ مِمَّا جَاءَهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ، وَاتُّخِذَتْ عَلَيْهِمْ فِيهِ الْحُجَّةُ؟ قُلْتُ: لا، بَلْ شَيْءٌ قَدْ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ، فَقَالَ لِي: فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ ظُلْمًا؟ فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ فَزَعًا شَدِيدًا، وَقُلْتُ: إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ إِلا وَهُوَ خَلْقُ اللَّهِ وَمُلْكُ يَدِهِ، لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ، فَقَالَ: سَدَّدَكَ اللَّهُ، وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُكَ إِلا لِأَحْزِرُ عَقْلَكَ إِنَّ رَجُلًا مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ وَيَكْدَحُونَ فِيهِ أَشَيْءٌ قَدْ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ؟ أَمْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُونَ مِمَّا جَاءَهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتُّخِذَتْ عَلَيْهِمْ فِيهِ الْحُجَّةُ؟ قَالَ: لا بَلْ شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ، وَمَضَى عَلَيْهِمْ مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ، قَالَ: فَفِيمَ يَعْمَلُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَمَنْ كَانَ اللَّهُ خَلَقَهُ لِوَاحِدَةٍ مِنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ هَيَّأَهُ لِعَمَلِهَا، وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا {٧﴾ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴿٨﴾ } [الشمس: ٧-٨] رَوَاهُ مُسْلِم، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ، عَن عَزْرَةَ بْنِ ثَابِت.
قوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ [الشمس: ٩] قال ابن عباس: قد أفلحت نفس زكاها الله، وأصلحها وطهرها.
والمعنى: وفقها للطاعة.
﴿وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ [الشمس: ١٠] خابت، وخسرت نفس أضلها الله وأغواها، ودساها أصله: دسسها من التدسيس وهو: إخفاء الشيء، فأبدلت من السين الثانية ياء، ومعنى دساها هنا: أخملها، وخذلها، وأخفى محلها، ولم يشهرها بالطاعة، والعمل الصالح، وقد أقسم الله تعالى بهذه الأشياء التي ذكرها من خلقه، لأنها تدل على وحدانيته، وعلى فلاح من طهره، وخسارة من خذله حتى لا يظن أحد أنه هو الذي يتولى تطهير نفسه، أو إهلاكها بالمعصية، يدل على صحة هذا