وجواب القسم قوله: ﴿إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى﴾ [الليل: ٤] قال ابن عباس: إن أعمالكم لمختلفة: عمل للجنة، وعمل للنار.
١٣٦٨ - حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو مَعْمَرٍ الْمُفَضَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ إِمْلاءً بِجُرْجَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ هَارُونَ، نا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّرْقُفِيُّ، نا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، نا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنَّ رَجُلًا كَانَتْ لَهُ نَخْلَةٌ، فَرْعُهَا فِي دَارِ رَجُلٍ فَقِيرٍ ذِي عِيَالٍ، وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا جَاءَ فَيَدْخُلُ الدَّارَ، فَيَصْعَدُ النَّخْلَةَ لِيَأْخُذَ مِنْهَا التَّمْرَ، فَرُبَّمَا سَقَطَتِ التَّمْرَةُ، فَيَأْخُذُهَا صِبْيَانُ الْفَقِيرِ، فَيَنْزِلُ الرَّجُلُ مِنْ نَخْلَتِهِ حَتَّى يَأْخُذَ التَّمْرَةَ مِنْ أَيْدِيهِمْ، فَإِنْ وَجَدَهَا فِي فَمِ أَحَدِهِمْ أَدْخَلَ إِصْبَعَهُ حَتَّى يُخْرِجَ التَّمْرَةَ مِنْ فِيهِ، فَشَكَا ذَلِكَ الرَّجُلُ إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخْبَرَهُ بِمَا يَلْقَى مِنْ صَاحِبِ النَّخْلَةِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اذْهَبْ، وَلَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاحِبَ النَّخْلَةِ، فَقَالَ لَهُ: تُعْطِينِي نَخْلَتَكَ الْمَائِلَةَ الَّتِي فُرُوعُهَا فِي دَارِ فُلانٍ وَلَكَ بِهَا نَخْلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: إِنَّ لِي نَخْلًا كَثِيرًا وَمَا فِيهِ نَخْلَةٌ أَعْجَبَ إِلَيَّ ثَمَرَةً مِنْهَا، قَالَ: ثُمَّ ذَهَبَ الرَّجُلُ، فَقَالَ رَجُلٌ كَانَ يَسْمَعُ الْكَلامَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُعْطِينِي مَا أَعْطَيْتَ الرَّجُلَ نَخْلَةً فِي الْجَنَّةِ إِنْ أَنَا أَخَذْتُهَا، قَالَ: نَعَمْ، فَذَهَبَ الرَّجُلُ وَلَقِيَ صَاحِبَ النَّخْلَةِ فَسَاوَمَهَا مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ: أَشَعَرْتَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَانِي بِهَا نَخْلَةً فِي الْجَنَّةِ، فَقُلْتُ لَهُ: يُعْجِبُنِي ثَمَرُهَا وَإِنَّ لِي نَخْلًا كَثِيرًا، فَمَا فِيهِ نَخْلَةٌ أَعْجَبَ إِلَيَّ ثَمَرًا مِنْهَا، فَقَالَ لَهُ الآخَرُ: أَتُرِيدُ بَيْعَهَا، فَقَالَ: لا إِلا أَنْ أُعْطَى بِهَا مَا لا أَظُنُّهُ أُعْطَى، قَالَ: فَمَا مُنَاكَ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ نَخْلَةً، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: جِئْتَ بِعَظِيمٍ تَطْلُبُ بِنَخْلَتِكَ الْمَائِلَةِ أَرْبَعِينَ نَخْلَةً ثُمَّ سَكَتَ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ: أَنَا أَعْطَيْتُكَ أَرْبَعِينَ نَخْلَةً، فَقَالَ لَهُ: أَشْهِدْ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا، فَمَرَّ نَاسٌ فَدَعَاهُمْ فَأَشْهَدَ لَهُ بِأَرْبَعِينَ نَخْلَةً ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ النَّخْلَةَ قَدْ صَارَتْ فِي مِلْكِي فَهِيَ لَكَ، فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَاحِبِ الدَّارِ، فَقَالَ لَهُ: النَّخْلَةُ لَكَ وَلِعِيَالِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى {١﴾ وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ﴿٢﴾ وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى ﴿٣﴾ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴿٤﴾ } [الليل: ١-٤] وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
١٣٦٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ، أنا أَبُو الشَّيْخِ الْحَافِظُ، أنا الْوَلِيدُ بْنُ أَبَانٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، نا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ،