وأنها فانية فتركها، وأن الآخرة باقية فيها، وكذلك كل شيء، ومعنى هذا الاستفهام التقرير أي: قد فعلنا ذلك، يدل على هذا قوله في النسق عليه: ﴿وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ [الشرح: ٢] قال ابن عباس، والحسن، وقتادة، والضحاك، ومقاتل: حططنا عنك إثمك الذي سلف منك في الجاهلية.
وهذا كقوله: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ [الفتح: ٢] وقد مر.
ثم وصف ذلك الوزر بقوله: ﴿الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾ [الشرح: ٣] قال المفسرون: أثقل ظهرك.
قال الزجاج: أثقله حتى سمع له نقيض، أي: صوت.
وهذا مثل معناه: أنه لو كان حملًا يحمل، لسمع نقيض ظهره، قال قتادة: كانت للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذنوب قد أثقلته، فغفرها الله له.
وقوم يذهبون إلى أن هذا تخفيف أعباء النبوة التي تثقل الظهر من القيام بأمرها، سهل الله ذلك عليه حتى تيسرت به، وذكر منته عليه بذلك.
وقوله: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ [الشرح: ٤] قال عطاء، عن ابن عباس: يريد الأذان والإقامة، والتشهد، والخطبة على المنابر يوم الجمعة، ويوم الفطر، ويوم النحر، ويوم عرفة، وأيام التشريق، وخطبة النكاح، وفي كل موطن، وعلى الدنانير والدراهم، وكلمة الشهادة، ولو أن رجلًا عبد الله وصدقه في كل شيء، ولم يشهد أن محمدًا رسول الله، لم ينتفع بشيء، وكان كافرًا.
وقال الحسن في هذه الآية: ألا ترى أن الله تعالى لا يذكر في موضع إلا ذكر معه نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال قتادة: رفع ذكره في الدنيا والآخرة، فليس خطيب، ولا متشهد، ولا صاحب صلاة إلا ينادي به: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله.
١٣٨٧ - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمْدَانَ الْعَدْلُ، أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ، نا أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ، نا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَرَفَعْنَا لَكَ


الصفحة التالية
Icon