اسْتَغْنَى} [سورة العلق: ٧] أي: رأى نفسه غنيًا.
١٣٩٧ - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأُمَوِيُّ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْسِيُّ، أنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ أَبِي عُمَيْسٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: مَنْهُومَانِ لا يَشْبَعَانِ طَالِبُ عِلْمٍ وَصَاحِبُ الدُّنْيَا، وَلا يَسْتَوِيَانِ، أَمَّا طَالِبُ الْعِلْمِ، فَيَزْدَادُ رِضًا لِلرَّحْمَنِ، وَأَمَّا طَالِبُ الدُّنْيَا، فَيَزْدَادُ فِي الطُّغْيَانِ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿كَلَّا إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى {٦﴾ أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴿٧﴾ } [العلق: ٦-٧]
قال مقاتل: ثم خوفه الله تعالى بالرجعة، فقال: ﴿إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى﴾ [العلق: ٨] أي: المرجع، والرجعى مصدر على فعلى، قوله: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى﴾ [العلق: ٩].
١٣٩٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَخْلَدِيُّ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ الدَّقَّاقُ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُكْرَمٍ الْبِرْتِيُّ، نا عَلِيُّ بْنُ الْمديني، نا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَبِالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ لَئِنْ رَأَيْتُهُ، يَفْعَلُ ذَلِكَ لأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ، قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: هَا هُوَ ذَاكَ يُصَلِّي، فَانْطَلَقَ لِيَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ، فَمَا فَجَأَهُمْ إِلا وَهُوَ يَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَيَتَّقِي بِيَدَيْهِ، فَأَتَوْهُ فَقَالُوا: مَا لَكَ يَا أَبَا الْحَكَمِ؟ قَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ خَنْدَقًا مِنْ نَارٍ وَهَوْلا وَأَجْنِحَةً، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ دَنَا مِنِّي لاخْتَطَفَتْهُ الْمَلائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى﴾ [العلق: ٩] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنِ الْمُعْتَمِرِ
ومعنى: أرأيت ههنا: تعجيب للمخاطب، وكرر هذه اللفظة للتأكيد في التعجيب، وهو قوله: ﴿أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى﴾ [العلق: ١١] يعني: العبد المنهي وهو محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
﴿أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى﴾ [العلق: ١٢] يعني: بالإخلاص، والتوحيد، ومخافة الله.
﴿أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ﴾ [العلق: ١٣] أبو جهل، وتولى عن الإيمان، وتقدير نظم الآية: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى {٩﴾ عَبْدًا إِذَا صَلَّى ﴿١٠﴾ } [العلق: ٩-١٠] وهو على الهدى، أمر بالتقوى، والناهي مكذب عن الإيمان؟ ! أي: فما أعجب من هذا! ألم يعلم يعني: أبا جهل، ﴿بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى﴾ [العلق: ١٤] ذلك فيجازيه به.
كلا لا يعلم ذلك، ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ﴾ [العلق: ١٥] عن تكذيب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشتمه، وإيذائه، ﴿لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ﴾ [العلق: ١٥] السفع: الجذب الشديد، والمعنى: لنجرن


الصفحة التالية
Icon