أهلكه الله، وقد أُهلك.
وأبو لهب هو ابن عبد المطلب عم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان شديد المعاداة له، قال طارق المحاربي: إني بسوق ذي المجاز، إذ أنا بشاب يقول: يأيها الناس، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا.
وإذا رجل خلفه يرميه، قد أدمى ساقيه وعرقوبيه، يقول: أيها الناس، إنه كذاب فلا تصدقوه.
فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا محمد، يزعم أنه نبي، وهذا عمه أبو لهب يزعم أنه كذاب.
وكان ابن كثير يقرأ أبي لَهْب ساكنة الهاء، ويشبه أنه لغة في اللهب، كالنهر والنهر، واتفقوا في الثانية على الفتح لوفاق الفواصل، ولما أنذره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالنار، قال أبو لهب: إن كان ما تقوله حقًا، فإني أفتدي بمالي وولدي.
فقال الله عز وجل: ﴿مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ﴾ [المسد: ٢] أي: ما دفع عنه عذاب الله ما جمع من ماله وما كسب، يعني: ولده، لأن ولده من كسبه.
ثم أوعده بالنار، فقال: ﴿سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ﴾ [المسد: ٣] يعني: نارًا تلتهب عليه.
وامرأته وهي: أم جميل بنت حرب، أخت أبي سفيان، ﴿حَمَّالَةَ الْحَطَبِ﴾ [المسد: ٤] كانت تحمل العضاه والشوك، فتطرحه في طريق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليعقره، وقال قتادة، ومجاهد، والسدي: كانت تمشي بالنميمة بين الناس، فتلقي بينهم العداوة وتهيج نارها، كما يوقد النار بالحطب.
وتسمى النميمة حطبًا، يقال: فلان يحطب على فلان.
إذا كان يغري به، ومن نصب ﴿حَمَّالَةَ﴾ [المسد: ٤] فعلى معنى: أعني حمالة.
﴿فِي جِيدِهَا﴾ [المسد: ٥] عنقها، ﴿حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ﴾ [المسد: ٥] يعني: سلسلة من حديد في النار، طولها سبعون ذراعًا، والمسد: الفتل، والمسد ما فتل وأحكم من أي شيء كان، والمعنى: أن السلسلة التي في عنقها فتلت من الحديد فتلًا محكمًا.