قوله: ﴿فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ﴾ [الزخرف: ٤١] بأن نميتك قبل أن نريك النقمة في كفار مكة، ﴿فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ﴾ [الزخرف: ٤١] بالقتل بعدك.
أو نرينك في حياتك، ما وعدناهم من العذاب بالذل، والقتل، ﴿فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ﴾ [الزخرف: ٤٢] يقول الله تعالى لنبيه عليه السلام مطيبا قلبه: إن ذهبنا بك انتقمنا لك، ممن كذبك بعدك، أو أريناك في حياتك ما وعدناهم من العذاب، فإنا قادرون عليهم، متى شئنا عذبناهم.
ثم أري ذلك يوم بدر.
ثم أمره بالتمسك بالقرآن، فقال: ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الزخرف: ٤٣] يعني: دين الإسلام.
وإنه وإن القرآن الذي أوحي إليك، ﴿لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ [الزخرف: ٤٤] شرف لك بما أعطاك الله من الحكمة، ولقومك المؤمنين بما هداهم به، حتى أدركوا الحق.
وروى الضحاك، عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا سئل: لمن هذا الأمر بعدك؟ لم يخبر بشيء، حتى نزلت هذه الآية، فكان بعد ذلك إذا سئل، قال: «لقريش».
فهذا يدل على أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهم من هذا أنه يلي على المسلمين بحكم النبوة وشرف القرآن، ثم قومه من قريش يخلفونه في الولاية، بشرف القرآن الذي أنزل على رجل منهم، ومذهب مجاهد: أن القرآن ههنا العرب، والقرآن لهم شرف إذ أنزل بلغتهم، ثم يختص بذلك الشرف الأخص فالأخص من العرب، حتى يكون الشرف أكثر لقريش من غيرهم، ثم لبني هاشم.
وسوف تسألون عن شكر ما جعله الله لكم من الشرف، قاله الكلبي، والزجاج.
وقال غيرهما: تسألون عن القرآن، وعما يلزمكم من القيام بحقه.
قوله: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ {٤٥﴾ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٤٦﴾ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا


الصفحة التالية
Icon