عبادي لا خوف عليكم، أي: من عذاب اليوم، فإذا سمعوا النداء، رفع الخلائق رءوسهم.
فيقال: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الزخرف: ٦٩] فينكس أهل الأديان رءوسهم غير المسلمين.
ويقال لهم: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ﴾ [الزخرف: ٧٠] تكرمون، وتنعمون.
﴿يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ﴾ [الزخرف: ٧١] جمع صحفة، وهي القصعة الواسعة العريضة، وأكواب جمع كوب، وهو إناء مستدير مدور الرأس، لا عرى لها، وفيها ما تشتهي الأنفس، وقرئ: تشتهيه بالهاء، وحذف الهاء ههنا كإثباتها، وأكثر ما جاء في التنزيل حذف الهاء من الصلة، كقوله: ﴿أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولا﴾ [الفرقان: ٤١]، ﴿وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾ [النمل: ٥٩]، وإنما صنعوا كيد سحر، والأصل إثبات الهاء، والحذف حسن كثير، وقد جاءت مثبتة كقوله: ﴿إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾ [البقرة: ٢٧٥]، وقوله: وتلذ الأعين يقال: لذذت الشيء ألذه، مثل استلذذته، والمعنى: أنه ما من شيء اشتهته نفس، أو استلذته عين، إلا وهو في الجنة، وقد عبر الله تعالى بهذين اللفظين عن جميع نعيم أهل الجنة، فإنه ما من نعمة إلا وهي نصيب النفس، أو العين، ثم تمم هذه النعم بقوله: ﴿وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [الزخرف: ٧١] لأنها لو انقطعت لم تطب.
وتلك الجنة يعني: الجنة التي ذكرها في قوله: ادخلوا الجنة، التي أورثتموها قال ابن عباس: الكافر يرث نار المؤمن، والمؤمن يرث جنة الكافر.
وهذا كقوله: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ﴾ [المؤمنون: ١٠] وقد تقدم.
﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ {٧٤﴾ لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ﴿٧٥﴾ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ ﴿٧٦﴾ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ﴿٧٧﴾ لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ﴿٧٨﴾ أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ﴿٧٩﴾ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴿٨٠﴾ } [الزخرف: ٧٤-٨٠].
وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: وما ظلمناهم أي: ما عذبناهم على غير ذنب، ﴿وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ﴾ [الزخرف: ٧٦]


الصفحة التالية
Icon