﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ {١٧﴾ أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴿١٨﴾ وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ﴿١٩﴾ وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ﴿٢٠﴾ وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ﴿٢١﴾ } [الدخان: ١٧-٢١].
﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ﴾ [الدخان: ١٧] بلونا قبل هؤلاء، قوم فرعون بإرسال موسى إليهم، وهو قوله: ﴿وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ﴾ [الدخان: ١٧] على ربه، وقال مقاتل: حسن الخلق.
﴿أَنْ أَدُّوا﴾ [الدخان: ١٨] بأن أدوا، ﴿إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ﴾ [الدخان: ١٨] هذا من وقول موسى لفرعون وقومه، يقول: أطلقوا بني إسرائيل من العذاب والتسخير، فإنهم أحرار.
كما قال: ﴿فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الأعراف: ١٠٥]، ﴿إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ﴾ [الدخان: ١٨] على الرسالة.
﴿وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ﴾ [الدخان: ١٩] لا تتجبروا عليه، بترك طاعته، ﴿إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾ [الدخان: ١٩] بحجة بينة، تدل على صدقي.
فلما قال هذا، توعدوه بالقتل، فقال: ﴿وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ﴾ [الدخان: ٢٠] تقتلون.
﴿وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي﴾ [الدخان: ٢١] لم تصدقوني، فاعتزلون فاتركوني، لا معي ولا علي، وقال ابن عباس: فاعتزلوا أذاي.
﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ {٢٢﴾ فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ﴿٢٣﴾ وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ﴿٢٤﴾ كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴿٢٥﴾ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ﴿٢٦﴾ وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ﴿٢٧﴾ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ﴿٢٨﴾ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ﴿٢٩﴾ } [الدخان: ٢٢-٢٩].
فكفروا ولم يؤمنوا ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلاءِ﴾ [الدخان: ٢٢] بأن هؤلاء، قوم مجرمون قال الكلبي، ومقاتل: مشركون، لا يؤمنون.
فأجاب الله دعاه، وأمره أن يسري، وهو قوله: ﴿فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلا﴾ [الدخان: ٢٣] يعني: من آمن به من بني إسرائيل، إنكم متبعون يتبعكم فرعون وقومه، أعلمه الله أنهم يتبعونهم، إذا سروا ليلًا لطلبهم.
ثم يكون ذلك سببًا لغرقهم ﴿وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا﴾ [الدخان: ٢٤] أي: ساكنًا، والرهو: مشي في سكون، يقال: رها يرهو رهوًا فهو راه، ويقال لكل شيء ساكن، لا يتحرك: راه.
قال مجاهد: رهوًا ساكنًا كما هو، أي: كهيئته بعد أن ضربه.
يقول: لا تأمره يرجع، اتركه