عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبَانٍ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ إِلا وَلَهُ بَابَانِ بَابٌ يَصْعَدُ فِيهِ عَمَلُهُ وَبَابٌ يَنْزِلُ مِنْهُ رِزْقُهُ، فَإِذَا مَاتَ بَكَيَا عَلَيْهِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ﴾ [الدخان: ٢٩].
وفي غير هذه الرواية، أنهم لم يكونوا يعملون على الأرض عملًا صالحًا تبكي عليهم، ولم يصعد لهم إلى السماء من كلامهم، ولا من عملهم كلام طيب، ولا عمل صالح، فيفقدهم، ويبكي عليهم، وهذا قول جماعة المفسرين، قالوا: لم تبك عليهم مصاعد أعمالهم من السماء، ولا مواضع سجودهم من الأرض.
وقال مجاهد: ما مات مؤمن، إلا بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحًا.
﴿وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ﴾ [الدخان: ٢٩] لم ينظروا حين أخذهم العذاب لتوبة، ولا لغيرها.
﴿وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ {٣٠﴾ مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ ﴿٣١﴾ وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴿٣٢﴾ وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ ﴿٣٣﴾ } [الدخان: ٣٠-٣٣].
﴿وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾ [الدخان: ٣٠] يعني: قتل الأبناء، واستخدام النساء، والتعب في العمل.
﴿مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الدخان: ٣١] كان جبارًا عاصيًا من المشركين، والعالي في الإحسان صفة مدح، والعالي في الإساءة صفة ذم.
ولقد اخترناهم يعني: بني إسرائيل، على علم علمه الله فيهم، على العالمين على عالمي زمانهم.
﴿وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الآيَاتِ﴾ [الدخان: ٣٣] يعني: فلق البحر، وتظليل الغمام، وإنزال المن والسلوى، والنعم التي أنعمها عليهم، وهو قوله: ﴿مَا فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ﴾ [الدخان: ٣٣] أي: نعمة ظاهرة.
ثم رجع إلى ذكر كفار مكة، فقال: ﴿إِنَّ هَؤُلاءِ لَيَقُولُونَ {٣٤﴾ إِنْ هِيَ إِلا مَوْتَتُنَا الأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ ﴿٣٥﴾ فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿٣٦﴾ أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ﴿٣٧﴾ } [الدخان: ٣٤-٣٧].
﴿إِنَّ هَؤُلاءِ لَيَقُولُونَ {٣٤﴾ إِنْ هِيَ إِلا مَوْتَتُنَا الأُولَى} [الدخان: ٣٤-٣٥] ما الموتة إلا موتة نموتها في الدنيا، ثم لا بعث بعدها، وهو قوله: ﴿وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ﴾ [الدخان: ٣٥] بمبعوثين.
﴿فَأْتُوا بِآبَائِنَا﴾ [الدخان: ٣٦] أي: ابعثوهم لنا، ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الدخان: ٣٦] في البعث بعد الموت.
ثم خوفهم مثل عذاب الأمم الخالية، فقال: ﴿أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ﴾ [الدخان: ٣٧] أي: