﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ {٢٣﴾ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ ﴿٢٤﴾ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿٢٥﴾ قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكَثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴿٢٦﴾ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ ﴿٢٧﴾ } [الجاثية: ٢٣-٢٧].
﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾ [الجاثية: ٢٣] قال سعيد بن جبير، عن ابن عباس في هذه الآية: كان أحدهم يعبد الحجر، فإذا رأى ما هو أحسن منه، رمى به وعبد الآخر، فهو يعبد ما تهواه نفسه.
وقال قتادة: هو الكافر لا يهوى شيئًا إلا ركبه.
وهو قول عطاء، عن ابن عباس، قال: إذا هوي شيئًا هو لله سخط اتبعه.
وهذا كما يقال: الهوى إله يعبد من دون الله، يعني: أن ذا الهوى يترك أمر الله وطاعته لهواه.
٨٣٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَارِثِيُّ، أنا أَبُو الشَّيْخِ الْحَافِظُ، نا الْحُسَيْنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي الْأَحْوَصِ، نا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ الْخَصِيبِ بْنِ جَحْدَرٍ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا تَحْتَ ظِلِّ السَّمَاءِ إِلَهٌ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَبْغَضَ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَوًى»
وقوله: ﴿وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ﴾ [الجاثية: ٢٣] قال سعيد بن جبير: على علمه فيه.
قال الزجاج: أي: على ما سبق في علمه، أنه ضال قبل أن يخلقه.
﴿وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ﴾ [الجاثية: ٢٣] طبع عليه، فلم يسمع الهدى، وعلى قلبه فلم يعقل الهدى، ﴿وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً﴾ [الجاثية: ٢٣] يعني: ظلمة، فهو لا يبصر الهدى، وليس يبقي للقدرية مع هذا البيان في منع الكافر عن الإيمان عذر ولا حيلة، ثم أكد ذلك بقوله: {فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ