ثم أمركما تقول "رامِ" كأنه قال: "صادِ الحقَّ بعملك" اي: تعمده، ثم قال ﴿وَالْقُرْآنِ﴾ فأقسم، ثم قال ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ﴾. فعلى هذا وقع القسم. وذلك أنهم زعموا أن "بل" هاهنا انما هي "إنّ" فلذلك صار القسم عليها.
وقد اختلف الناس في الحروف التي في فواتح السور، فقال بعضهم: "انما هي حروف يستفتح بها" فان قيل "هل يكون شيء من القرآن ليس له معنى"؟. فان معنى هذه أنه ابتدأ بها ليعلم أن السورة التي قبلها قد انقضت، وأنه قد أخذ في أخرى. فجعل هذا علامة لانقطاع ما بينهما، وذلك موجود في كلام العرب، ينشد الرجل منهم الشعر فيقول [من الرجز وهو الشاهد الخامس] :
* بلْ. وبلدةٍ ما الانسُ من أُهّالها *
[١٠ء] أو يقول [من الرجز وهو الشاهد السادس] :
* بلْ. ما هاجَ أحزاناً وشجواً قد شجا *
فـ"بل" ليست من البيت ولا تعد في وزنه، ولكن يقطع بها كلام ويستأنف آخر.