والمعنى: صُيِّرُوا مثلَ عَصْفٍ، والكاف زائدة. وقال الآخر: [الرجز وهو الشاهد الحادي عشر بعد المئتين] :
* وَصَالِباتٍ كَكَما يُؤَثْفِين *
احدى الكافين زائدة.
وقوله: ﴿بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا﴾ يعني غيرها في النضج، لأَنَّ الله عز وجل يجددها فيكون أشد للعذاب عليهم. وهي تلك الجلود بعينها التي عصت الله تعالى ولكن أذهب عنها النضج، كما يقول الرجل للرجل: "أنتَ اليومَ غيرُك أمْسِ" وهو ذلك بعينه الا انه نقص منه شيء أو زاد فيه. وفي كتاب الله عز وجل ﴿وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ فيسأل السائل فيقول كيف كانوا كاذبين ولم يعودوا بعد. [و] انما يكونون كاذبين إِذا عادوا. وقد قلتم إنه لا يقال له كافر قبل ان يكفر اذا علم أنه كافر. وهذا يجوز أن يكون [١١٩ ء] أَنَّهُم الكاذبون بعد اليوم كما يقول الرجل: "أَنَا قائِمٌ" وهو قاعد يريد "إِني سأَقوم" أو يقول ﴿إِنَّهم لَكَاذِبُونَ﴾ يعني ما وافوا به القيامة من كذبهم وكفرهم لأن الذين دخلوا النار كانوا كاذبين كافرين.
وقوله ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ [٢٢] إِلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ يقول "تنظر في رزقها وما يأتيها من الله" كما يقول الرجل: "ما أَنْظُرُ إِلاّ إِلَيك" ولو كان نظر البصر كما يقول بعض الناس كان في الآية التي بعدها بيان ذلك. الا ترى انه قال ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرةٌ [٢٤] تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِها فَاقِرَةٌ﴾ ولم يقل: "وُوُجُوهٌ لا تَنْظُر ولا تَرى" وقوله ﴿تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ﴾ يدلّ "الظن" ها هنا على ان النظر ثم الثقة بالله وحسن اليقين ولا يدل على ماقالوا. وكيف يكون ذلك والله يقول ﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ﴾ وقوله ﴿وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ﴾ يعني