لانه اراد أن ينبه، ثم ذكر ما قالوا عليه يعني النبي ﷺ ليقبح ما قالوا عليه، نحو قولك للرجل "ألْخَيْرُ أَحَبُّ إلَيكَ أَمْ الشَرّ"؟ وأنت تعلم انه يقول "الخير" ولكن أردت أن تقبح عنده ما صنع. وأما قوله ﴿وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً﴾ فقد نهاه عن الآثم والكفور جميعا. وقد قال بعض الفقهاء:: "إنَّ" "أوْ" تكون بمنزلة الواو وقال [من المتقارب وهو الشاهد السادس عشر] :
يُهِينُونَ من حقَروا شَأيَهُ * وإنْ كانَ فيهِمْ يَفِي أو يَبَرّ
يقول: "يَفِي وَيَبرّ". وكذلك هي عندهم ها هنا وانما هي بمنزلة "كلُ اللحمَ أو التمرَ" اذا رخصت له في هذا النحو. فلو أكل كله أو واحدا منه لم يعص. فيقع النهي عن كل ذا في هذا المعنى فيكون ان ركب الكل او واحداً [قد] عصى. كما كان في الامر ان صنع واحداً أطاع. وقال ﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾ ومعناه "ويزِيدُونَ" ومخرجها في العربية انك تقول: "لا تجالسْ زيداً أو عمراً أَوْ خالِداً" فإنْ أَتى واحداً منهم أو كُلَّهُم كانَ عاصياً. كما أَنَكَ إذا قلت: "إِجْلِس الى فلان أو فلان [١٥ب] أوْ فلان "فجلس الى واحد منهم أَوْ كلِهِّم كان مطيعا. فهذا مخرجه من العربية. وأرى الذين قالوا: "إنَّما" أو "بمنزلة الواو" انما قالوها لأنهم رأوها في معناها. واما ﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾ فانما يقول ﴿أَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ﴾ عِنْد الناس "، ثم قال ﴿أَوْ يَزِيدُونَ﴾ عند الناس" لأنّ الله تبارك وتعالى لا يكون منه شكّ.