فقال "رُؤوسُ" ثم قال "يَنْتَطِحانِ" وذا نحو قول العرب "الجُزُراتِ" و"الطُرُقاَتِ" فيجوز في ذا ان تقول: "طُرُقانِ" للاثنين و"جُزُرانِ" للاثنين. وقال الشاعر: [من الكامل وهو الشاهد الحادي والخمسون بعد المئتين] :
وإِذاَ الرِّجَالُ رَأَوْا يَزِيدَ رَأَيْتَهُم * خُضْعَ الرِّقابِ نَواكِسِي الأَبْصارِ
والعرب تقول: "مَوَاليِات" و"صَواَحِبَاتُ يوسُف". فهؤلاء قد كسروا فجمعوا "صَواحِب" وهذ االمذهب يكون فيه المذكر "صَواحِبُون"، ونظيره "نَواكِسي". وقال بعضهم [١٥٢ ب] "نواكِسِ" في موضع جرّ كما تقول "حُجْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ".
﴿خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ﴾
وقال ﴿خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ﴾ يقول: "من تعجيلٍ من الأمْرِ، لأَنَّه قال: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ﴾ فهذا العجل كقوله ﴿فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ وقوله ﴿فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ﴾ فإِنَّني ﴿سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي﴾.
المعاني الواردة في آيات سورة (الأنبياء)
﴿قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذافَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ﴾
وقال ﴿فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ﴾ فذَكَّر الأصنام وهي من الموات لأنها كانت عندهم ممن يعقل او ينطق.
﴿وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلك وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ﴾
وقال ﴿وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ﴾ فذكر الشياطين وليسوا من الانس إِلاّ أَنَّهُم مثلهم في الطاعة والمعصية. الا ترى انك تقول "الشياطينُ يَعْصُونَ" ولا تقول: "يَعْصِينَ" وانما جمع ﴿يَغُوصُونَ﴾ و ﴿مَنْ﴾ في اللفظ واحد لأن ﴿مَنْ﴾ في المعنى لجماعة. قال الشاعر: [من الكامل وهو الشاهد الثامن والأربعون بعد المئتين] :
لَسْنَا كَمَنْ جَعَلَتْ إِيادٍ دارَهَا * تكريت تَنْظُرُ حَبَّها أَنْ يُحَصَدا
وقال: [من المتقارب وهو الشاهد التاسع والأربعون بعد المئتين] :
أَطُوفُ بِهَا لاَ أَرَىَ غَيْرَهَا * كَمَا طافَ بالبِيْعَةِ الرّاهِبِ
فجعل "الراهبِ" بدلا من ﴿مَا﴾ كأنه قال "كالذي طافَ" وتقول العرب [١٥٢ ء] :"إِنَّ الحَقَّ مَنْ صَدَّقَ اللهَ" أي: "الحقُّ حقُّ مَنْ صَدَّقَ اللهَ".
﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ اله إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾
وقال ﴿إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ﴾ أي: لن نقدر عليه العقوبة، لأنه قد اذنب بتركه قومه وانما غاضب بعض الملوك ولم يغاضب ربه كان بالله عز وجل اعلم من ذلك.


الصفحة التالية
Icon