وأما قوله ﴿الْحَمْدُ للَّهِ﴾ فرفعه على الابتداء. وذلك ان كل اسم ابتدأته لم توقع عليه فعلا من بعده فهو مرفوع، وخبره ان كان هو هو فهو ايضاً مرفوع، نحو قوله ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ﴾ وما أشبه ذلك. وهذه الجملة تأتي على جميع ما في القرآن من المبتدأ فافهمها. فانما رفع [٤ب] المبتدأ ابتداؤك اياه، والابتداء هو الذي رفع الخبر في قول بعضهم [و] كما كانت "أنَّ" تنصب الاسم وترفع الخبر فكذلك رفع الابتداء الاسم والخبر. وقال بعضهم: "رفع المبتدأ خبره" وكل حسن، والأول أقيس.
وبعض العرب يقول ﴿الْحَمْدَ للَّهِ﴾ فينصب على المصدر، وذلك ان اصل الكلام عنده على قوله "حَمْداً لله" يجعله بدلا من اللفظ بالفعل، كأنه جعله مكان "أَحْمَدُ" ونصبه على "أَحْمَدُ" حتى كأنه قال: "أَحْمَدُ حَمْداً" ثم ادخل الالف واللام على هذه.
وقد قال بعض العرب ﴿الْحَمْدِ للَّهِ﴾ فكسره، وذلك أنه جعله بمنزلة الأسماء التي ليست بمتمكنة، وذلك ان الأسماء التي ليست بمتمكنة تحرّك اواخرها حركة واحدة لا تزول علتها نحو "حَيْثُ" جعلها بعض العرب مضمومة على كل حال، وبعضهم يقول "حَوْثُ" و "حَيْثَ" ضم وفتح.