وَأَصْحَابِهِ بِخِلَافِهِ، وَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ وَابْنِ سَعْدَانَ عَنِ الْيَزِيدِيِّ مِنْ خِلَافِ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
" وَالْهَاءُ " نَحْوُ فِيهِ هُدًى. جَاوَزَهُ هُوَ. لِعِبَادَتِهِ هَلْ وَتُحْذَفُ الصِّلَةُ وَتُدْغَمُ لِلِالْتِقَاءِ خَطًّا؛ وَلِأَنَّ الصِّلَةَ عِبَارَةٌ عَنْ إِشْبَاعِ حَرَكَةِ الْهَاءِ تَقْوِيَةً لَهَا، فَلَمْ يَكُنْ لَهَا اسْتِقْلَالٌ، وَلِهَذَا تُحْذَفُ لِلسَّاكِنِ ; فَلِذَلِكَ لَمَّ يُعْتَدَّ بِهَا. وَقَدْ حَكَى الدَّانِيُّ عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَخْتَارُ تَرْكَ الْإِدْغَامِ فِي هَذَا الضَّرْبِ وَيَقُولُ: إِنَّ شَرْطَ الْإِدْغَامِ أَنْ تَسْقُطَ لَهُ الْحَرَكَةُ مِنَ الْحَرْفِ الْأَوَّلِ لَا غَيْرَ، وَإِدْغَامُ: جَاوَزَهُ هُوَ وَنَظَائِرُهُ يُوجِبُ سُقُوطَ الْوَاوِ الَّتِي بَيْنَ الْهَائَيْنِ وَإِسْقَاطَ حَرَكَةِ الْهَاءِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ شَرْطِ الْإِدْغَامِ. قَالَ: وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى مَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّحْوِيِّينَ، وَقَدْ بَيَّنَّا فَسَادَ ذَلِكَ.
(قُلْتُ) : مِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى عَدَمِ إِدْغَامِهِ أَيْضًا أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ وَأَصْحَابُهُ، وَالصَّوَابُ إِدْغَامُهُ. فَقَدَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الْبَلْخِيُّ إِدْغَامَهُ نَصًّا عَنِ الْيَزِيدِيِّ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو فِي قَوْلِهِ: إِلَهَهُ هَوَاهُ وَرَوَاهُ الْعَبَّاسُ، وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ أَيْضًا، عَنْ أَبِي عَمْرٍو إِدْغَامَ " إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ "، وَلَمْ يَأْتِ عَنْهُ نَصٌّ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَجُمْلَةُ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةٌ وَتِسْعُونَ حَرْفًا، انْفَرَدَ الْكَارَزِينِيُّ بِإِظْهَارِ جَاوَزَهُ هُوَ دُونَ سَائِرِ الْبَابِ. ذَكَرَ أَنَّهُ قَرَأَهُ عَلَى أَصْحَابِ ابْنِ مُجَاهِدٍ بِالْإِظْهَارِ. حَكَى ذَلِكَ عَنْهُ سِبْطُ الْخَيَّاطِ.
(قُلْتُ) : وَالصَّوَابُ مَا عَلَيْهِ إِجْمَاعُ أَهْلِ الْأَدَاءِ مِنْ إِدْغَامِ الْبَابِ كُلِّهِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
" وَالْيَاءُ " ثَمَانِيَةُ مَوَاضِعَ يَأْتِيَ يَوْمٌ فِي الْبَقَرَةِ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَالرُّومِ، وَالشُّورَى وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ، وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ وَنُودِيَ يَامُوسَى، فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ، وَقَدْ ذَكَرَ الدَّانِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ فِي سُورَةِ الطَّلَاقِ، وَنَصَّ لَهُ عَلَى إِظْهَارِهِ وَجْهًا وَاحِدًا عَلَى مَذْهَبِهِ فِي إِبْدَالِهَا يَاءً سَاكِنَةً وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ، وَالصَّفْرَاوِيُّ، وَأَصْحَابُهُمْ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ إِظْهَارُهَا لِلْبَزِّيِّ أَيْضًا وَتَعَقَّبَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْبَاذِشِ، وَمَنْ تَبِعَهُ مِنَ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَلَمْ يَجْعَلُوهُ مِنْ هَذَا الْبَابِ، بَلْ جَعَلُوهُ مِنَ الْإِدْغَامِ الصَّغِيرِ، وَأَوْجَبُوا إِدْغَامَهُ فِي مَذْهَبِ مَنْ سَكَّنَ الْيَاءَ مُبْدَلَةً وَصَوَّبَهُ أَبُو شَامَةَ فَقَالَ: الصَّوَابُ


الصفحة التالية
Icon