فَجَمْعُكَ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ يَجُوزُ إِنْ | وَقَفْتَ وَهَذَا مِنْ كَلَامِهِمُ الْحُرِّ |
(قُلْتُ) : الصَّحِيحُ جَوَازُ كُلٍّ مِنَ الثَّلَاثَةِ لِجَمِيعِ الْقُرَّاءِ؛ لِعُمُومِ قَاعِدَةِ الِاعْتِدَادِ بِالْعَارِضِ وَعَدَمِهِ عَنِ الْجَمِيعِ إِلَّا عِنْدَ مَنْ أَثْبَتَ تَفَاوُتَ الْمَرَاتِبِ فِي اللَّازِمِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ لِكُلِّ ذِي مَرْتَبَةٍ فِي اللَّازِمِ تِلْكَ الْمَرْتَبَةُ وَمَا دُونَهَا؛ لِلْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَلَا يَجُوزُ مَا فَوْقَهَا بِحَالٍ كَمَا سَيَأْتِي إِيضَاحُهُ آخِرَ الْبَابِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَبَعْضُهُمْ فَرَّقَ بَيْنَ عُرُوضِ سُكُونِ الْوَقْفِ وَبَيْنَ عُرُوضِ سُكُونِ الْإِدْغَامِ الْكَبِيرِ لِأَبِي عَمْرٍو، فَأَجْرَى الثَّلَاثَةَ لَهُ فِي الْوَقْفِ، وَخَصَّ الْإِدْغَامَ بِالْمَدِّ وَأَلْحَقَهُ بِاللَّازِمِ كَمَا فَعَلَ أَبُو شَامَةَ فِي بَابِ الْمَدِّ، وَالصَّوَابُ أَنَّ سُكُونَ إِدْغَامِ أَبِي عَمْرٍو عَارِضٌ كَالسُّكُونِ فِي الْوَقْفِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ إِجْرَاءُ أَحْكَامِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ مِنَ الْإِسْكَانِ وَالرَّوْمِ وَالْإِشْمَامِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَالَ الْإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الْجَعْبَرِيُّ: وَلِأَبِي عَمْرٍو فِي الْإِدْغَامِ إِذَا كَانَ قَبْلَهُ حَرْفُ مَدٍّ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: الْقَصْرُ وَالتَّوَسُّطُ وَالْمَدُّ كَالْوَقْفِ، ثُمَّ مِثْلُهُ، وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهَا أَبُو الْعَلَاءِ. قَالَ: وَالْمَفْهُومُ مِنْ عِبَارَةِ النَّاظِمِ - يَعْنِي الشَّاطِبِيَّ - فِي بَابِ الْمَدِّ.
(قُلْتُ) : أَمَّا مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِ أَبِي الْعَلَاءِ فَتَقَدَّمَ آخِرَ بَابِ الْإِدْغَامِ الْكَبِيرِ، وَأَمَّا الشَّاطِبِيُّ فَنَصُّهُ عَلَى كَوْنِ الْإِدْغَامِ عَارِضًا، وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ الْمَدُّ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ الشَّاطِبِيَّ لَمْ يَذْكُرْ فِي كُلِّ سَاكِنٍ الْوَقْفَ قَصْرًا، بَلْ ذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ، وَهُمَا الطُّولُ وَالتَّوَسُّطُ، كَمَا نَصَّ السَّخَاوِيُّ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ أَخْبَرُ بِكَلَامِ شَيْخِهِ وَمُرَادِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ فِي شَرْحِ كَلَامِهِ؛ لِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: وَفِي عَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، فَإِنَّهُ يُرِيدُ الْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ مِنَ الطُّولِ وَالتَّوَسُّطِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: