مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ ابْنِ مُجَاهِدٍ وَالنَّقَّاشِ، وَابْنِ شَنَبُوذَ، وَابْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَأَبِي الطَّيِّبِ التَّائِبِ وَأَبِي طَاهِرِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ وَابْنِ أَشْتَةَ وَالشَّذَائِيِّ وَأَبِي الْفَضْلِ الْخُزَاعِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ وَأَبِي عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيِّ، وَجَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ مِنْ مُتَقَدِّمٍ وَمُتَأَخِّرٍ، قَالُوا كُلُّهُمْ بِهَمْزَةٍ وَمَدَّةٍ.
(قُلْتُ) : وَلَيْسَ نَصُّ مَنْ يَقُولُ بِهَمْزِهِ وَمَدِّهِ يُعْطِي الْفَصْلَ أَوْ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَمَنْ نَظَرَ كَلَامَ الْأَئِمَّةِ مُتَقَدِّمِهِمْ وَمُتَأَخَّرِهِمْ عَلَى أَنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ إِلَّا بَيْنَ بَيْنَ لَيْسَ إِلَّا، فَقَوْلُ الدَّانِيِّ أَقْرَبُ إِلَى النَّصِّ وَأَصَحُّ فِي الْقِيَاسِ.
" نَعَمْ " قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَبِيبٍ صَاحِبِ الْأَخْفَشِ أَقْرَبُ إِلَى قَوْلِ مَكِّيٍّ وَأَصْحَابِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِهِ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ يَحْيَى أَنَّهُ قَرَأَ أَأَعْجَمِيٌّ بِمَدَّةٍ مُطَوَّلَةٍ كَمَا قَالَ: ذُو الرُّمَّةِ:
أَأَنْ تَوَهَّمْتَ مِنْ خَرْقَاءَ مَنْزِلَةً
قَالَ: فَقَالَ: أَإِنْ بِهَمْزَةٍ طَوِيلَةٍ. انْتَهَى.
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَهُ مَكِّيٌّ وَلَا يَمْنَعُ مَا قَالَهُ الدَّانِيُّ، لِأَنَّ الْوَزْنَ يَقُومُ بِهِمَا، وَكُلُّهُمْ يَنْشُدُهُ بِالتَّسْهِيلِ وَيَسْتَدِلُّ لَهُ بِهِ، وَالْوَزْنُ لَا يَقُومُ بِالْبَدَلِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى تَرْكِ الْفَصْلِ لِابْنِ ذَكْوَانَ غَيْرُ مَنْ ذَكَرْتُ مِمَّنْ هُوَ أَعْرَفُ بِدَلَائِلِ النُّصُوصِ كَابْنِ شَيْطَا، وَابْنِ سَوَّارٍ وَأَبِي الْعِزِّ وَأَبِي عَلِيٍّ الْمَالِكِيِّ وَابْنِ الْفَحَّامِ، وَالصَّقَلِّيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدْ قَرَأْتُ لَهُ بِكُلٍّ مِنَ الْوَجْهَيْنِ، وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ قَرِيبٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا الَّذِي بَعْدَهُ حَرْفُ مَدٍّ وَاخْتُلِفَ فِيهِ اسْتِفْهَامًا وَخَبَرًا فَكَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَعَتْ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ، وَهِيَ (أَآمَنْتُمْ) فِي الْأَعْرَافِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (قَالَ فِرْعَوْنُ أَآمَنْتُمْ بِهِ) وَفِي طه وَالشُّعَرَاءِ (قَالَ أَآمَنْتُمْ لَهُ) فَقَرَأَ الثَّلَاثَةُ بِالْإِخْبَارِ: حَفْصٌ وَرُوَيْسٌ وَالْأَصْبَهَانِيُّ، عَنْ وَرْشٍ: وَانْفَرَدَ بِذَلِكَ الْخُزَاعِيُّ، عَنِ الشَّذَائِيِّ، عَنِ النَّخَّاسِ، عَنِ الْأَزْرَقِ، عَنْ وَرْشٍ، فَخَالَفَ سَائِرُ الرُّوَاةِ وَالطُّرُقِ عَنِ الْأَزْرَقِ، وَاخْتُلِفَ، عَنْ قُنْبُلٍ فِي حَرْفِ طه، فَرَوَاهُ عَنْهُ بِالْإِخْبَارِ ابْنُ مُجَاهِدٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ شَنَبُوذَ بِالِاسْتِفْهَامِ، وَبِذَلِكَ قَرَأَ الْبَاقُونَ الثَّلَاثَةُ. وَحَقَّقَ فِي الثَّانِيَةِ الثَّلَاثَةُ مِنْهُمْ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَأَبُو بَكْرٍ وَرَ وْحٌ، وَاخْتُلِفَ، عَنْ هِشَامٍ، فَرَوَاهَا عَنْهُ الدَّاجُونِيُّ مِنْ طَرِيقِ الشَّذَائِيِّ، وَرَوَاهَا عَنْهُ الْحُلْوَانِيُّ وَالدَّاجُونِيُّ مِنْ طَرِيقِ زَيْدٍ بَيْنَ بَيْنَ،