وَأَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ بَلِّيمَةَ وَأَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ وَأَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْبَاذِشِ وَأَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَبِهِمَا قَرَأْنَا لِوَرْشٍ وَغَيْرِهِ عَلَى وَجْهِ التَّخْيِيرِ، وَبِهِمَا نَأْخُذُ لَهُ وَلِلْهَاشِمِيِّ، عَنِ ابْنِ جَمَّازٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، مِنْ طَرِيقِ الْهُذَلِيِّ، وَأَمَّا الِابْتِدَاءُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: بِئْسَ الِاسْمُ فَقَالَ الْجَعْبَرِيُّ: وَإِذَا ابْتَدَأْتَ (الِاسْمَ) فَالَّتِي بَعْدَ اللَّامِ عَلَى حَذْفِهَا لِلْكُلِّ، وَالَّتِي قَبْلَهَا فَقِيَاسُهَا جَوَازُ الْإِثْبَاتِ وَالْحَذْفِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ؛ لِرُجْحَانِ الْعَارِضِ الدَّائِمِ عَلَى الْعَارِضِ الْمُفَارِقِ، وَلَكِنِّي سَأَلْتُ بَعْضَ شُيُوخِي فَقَالَ: الِابْتِدَاءُ بِالْهَمْزِ وَعَلَيْهِ الرَّسْمُ. انْتَهَى.
(قُلْتُ) : الْوَجْهَانِ جَائِزَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّعْرِيفِ، وَالْأَوْلَى الْهَمْزُ فِي الْوَصْلِ وَالنَّقْلِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِعَارِضٍ دَائِمٍ وَلَا مُفَارِقٍ، بَلِ الرِّوَايَةُ وَهِيَ بِالْأَصْلِ الْأَصْلُ، وَكَذَلِكَ رُسِمَتْ. نَعَمْ، الْحَذْفُ جَائِزٌ وَلَوْ قِيلَ: إِنَّ حَذْفَهَا مِنَ (الْأُولَى) فِي النَّجْمِ أَوْلَى لِلْحَذْفِ لَسَاغَ، وَلَكِنْ فِي الرِّوَايَةِ تَفْصِيلٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) أَنَّهُ إِذَا كَانَ قَبْلَ لَامِ التَّعْرِيفِ الْمَنْقُولِ إِلَيْهَا حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْمَدِّ، أَوْ سَاكِنٌ غَيْرُهُنَّ لَمْ يَجُزْ إِثْبَاتُ حَرْفِ الْمَدِّ، وَلَا رَدُّ سُكُونِ السَّاكِنِ مَعَ تَحْرِيكِ اللَّامِ ; لِأَنَّ التَّحْرِيكَ فِي ذَلِكَ عَارِضٌ، فَلَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، وَقُدِّرَ السُّكُونُ؛ إِذْ هُوَ الْأَصْلُ، وَلِذَلِكَ حُذِفَ حَرْفُ الْمَدِّ، وَحُرِّكَ السَّاكِنُ حَالَةَ الْوَصْلِ، وَذَلِكَ نَحْوُ (وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ)، وَ (سِيرَتَهَا الْأُولَى)، وَ (إِذَا الَارْضُ)، وَ (أُولِي الْأَمْرِ)، وَ (فِي الَانْعَامِ)، وَ (يُحْيِي الَارْضَ)، وَ (قَالُوا الَانَ)، وَ (أَنْكِحُوا الَايَامَى)، وَ (أَنْ تُؤَدُّوا الَامَانَاتِ) وَنَحْوُ (فَمَنْ يَسْتَمِعِ الَانَ)، وَ (بَلِ الِانْسَانُ)، (وَأَلَمْ نُهْلِكِ الَاوَّلِينَ)، وَ (عَنِ الَاخِرَةِ)، وَ (مِنَ الَارْضِ)، وَ (مِنَ الُاولَى)، وَ (أَشْرَقَتِ الَارْضُ)، وَ (فَلْيَنْظُرِ الِانْسَانُ) وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ صِلَةً، أَوْ مِيمَ جَمْعٍ نَحْوُ (وَبِدَارِهِ الَارْضَ)، وَ (لَا تُدْرِكُهُ الَابْصَارُ)، وَ (هَذِهِ الَانْهَارُ)، وَ (هَذِهِ الَانْعَامُ)، (وَيُلْهِهِمُ الَامَلُ)، (وَأَنْتُمُ الَاعْلَوْنَ) وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ، كَالْحَافِظِ أَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ وَأَبِي مُحَمَّدٍ سِبْطِ الْخَيَّاطِ وَأَبِي الْحَسَنِ السَّخَاوِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فِي اللُّغَةِ وَعِنْدَ أَئِمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ