إِلَّا بِهِمَا، وَقَالَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا: فِي حَذْفِهِمَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ اتِّبَاعَ الْخَطِّ لَيْسَ بِوَاجِبٍ لِيَقْرَأَ الْقَارِئُ بِالْإِثْبَاتِ فِي مَوْضِعِ الْحَذْفِ، وَلَا حَذْفَ فِي مَوْضِعِ الْإِثْبَاتِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْقِرَاءَاتِ، وَكَذَلِكَ حُذِفَتْ صُورَةُ الْهَمْزَةِ مِنِ (امْتَلَاتِ) فِي أَكْثَرِ الْمَصَاحِفِ تَخْفِيفًا. وَكَذَلِكَ (اسْتَاجِرْهُ، وَاسْتَاجَرْتَ) فِيمَا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي التَّنْزِيلِ، وَكَذَلِكَ (يَسْتَأْخِرُونَ) فِي الْغَيْبَةِ وَالْخِطَابِ، وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ حَرْفَ الْأَعْرَافِ، وَمِمَّا خَرَجَ مِنَ الْهَمْزِ الْمُتَحَرِّكِ بَعْدَ سَاكِنٍ غَيْرِ الْأَلِفِ الْمُنْشَأَةِ فِي الثَّلَاثَةِ الْمَوَاضِعِ، وَ (يَسْأَلُونَ عَنْ) فِي الْأَحْزَابِ، وَ (مَوْئِلًا) فِي الْكَهْفِ وَ (السُّوأَى) فِي الرُّومِ وَ (أَنْ تَبُوءَ) فِي الْمَائِدَةِ وَ (لِيَسُوءُوا) فِي سُبْحَانَ، فَصُوِّرَتِ الْهَمْزَةُ فِي هَذِهِ الْأَحْرُفِ الْخَمْسَةِ، وَكَانَ قِيَاسُهَا الْحَذْفَ، وَأَنْ لَا تُصَوَّرَ ; لِأَنَّ قِيَاسَ تَخْفِيفِهَا النَّقْلُ وَيُلْحَقُ بِهَا (هُزُوًا) عَلَى قِرَاءَةِ حَمْزَةَ وَخَلَفٍ وَ (كُفُؤًا) عَلَى قِرَاءَتِهِمَا وَقِرَاءَةِ يَعْقُوبَ، فَـ " النَّشْأَةَ " كُتِبَتْ بِأَلِفٍ بَعْدِ الشِّينِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِاحْتِمَالِ الْقِرَاءَتَيْنِ، فَهِيَ قِرَاءَةُ أَبِي عَمْرٍو وَمَنْ مَعَهُ مِمَّنْ مَدَّ صُورَةَ الْمَدَّةِ، وَفِي قِرَاءَةِ حَمْزَةَ، وَمَنْ مَعَهُ مِمَّنْ سَكَّنَ الشِّينَ صُورَةَ الْهَمْزَةِ، وَ (يَسْأَلُونَ) اخْتَلَفَتِ الْمَصَاحِفُ فِي كِتَابَتِهَا، فَفِي بَعْضِهَا بِأَلِفٍ بَعْدِ السِّينِ، وَفِي بَعْضِهَا بِالْحَذْفِ فَمَا كُتِبَتْ فِيهِ بِأَلِفٍ فَهِيَ كَالنَّشْأَةِ؛ لِاحْتِمَالِ الْقِرَاءَتَيْنِ، فَإِنَّهُ قَرَأَهَا بِتَشْدِيدِ السِّينِ وَالْمَدِّ يَعْقُوبُ مِنْ رِوَايَةِ رُوَيْسٍ وَهِيَ قِرَاءَةُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَاصِمٍ الْجَحْدَرَيِّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، وَمَا كُتِبَتْ فِيهِ بِالْحَذْفِ فَإِنَّهَا عَلَى قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ الْبَاقِينَ، وَ (مَوْئِلًا) وَأَجْمَعَ الْمَصَاحِفُ عَلَى تَصْوِيرِ الْهَمْزَةِ فِيهِ يَاءً، وَذَلِكَ مِنْ أَجْلِ مُنَاسَبَةِ رُءُوسِ الْآيِ قَبْلُ وَبَعْدُ نَحْوُ (مَوْعِدًا وَمَصْرِفًا وَمَوْبِقًا) وَمُحَافَظَةً عَلَى لَفْظِهَا، وَ (السُّوأَى) صُوِّرَتِ الْهَمْزَةُ فِيهَا أَلِفًا بَعْدَ الْوَاوِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ هِيَ أَلِفُ التَّأْنِيثِ عَلَى مُرَادِ الْإِمَالَةِ، وَلَمَّا صُوِّرَتْ أَلِفُ التَّأْنِيثِ لِذَلِكَ يَاءً صُوِّرَتِ الْهَمْزَةُ قَبْلَهَا أَلِفًا؛ إِشْعَارًا بِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِأَلِفِ التَّأْنِيثِ فِي الْإِمَالَةِ، وَ (أَنْ تَبُوءَ) صُوِّرَتْ فِيهِ أَلِفًا وَلَمْ تُصَوَّرْ هَمْزَةً مُتَطَرِّفَةً بِغَيْرِ خِلَافٍ بَعْدَ سَاكِنٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَ (لِيَسُوءُوا) مِثْلُهَا فِي قِرَاءَةِ حَمْزَةَ، وَمَنْ مَعَهُ، وَأَمَّا عَلَى


الصفحة التالية
Icon