تَحْتَمِلُ تَقْدِيرًا عَلَى اللَّفْظِ وَمُرَادِ النَّقْلِ. وَرُسِمَ (أَفَايِنْ مَاتَ) فِي آلِ عِمْرَانَ (أَفَايِنْ مِتَّ) فِي الْأَنْبِيَاءِ بِيَاءٍ بَعْدَ الْأَلِفِ. فَقِيلَ: إِنَّ الْيَاءَ زَائِدَةٌ، وَالصَّوَابُ زِيَادَةُ الْأَلِفِ كَمَا أَذْكُرُهُ، وَرُسِمَ (بِاييدٍ، وَبِاييِّكُمْ) بِأَلِفٍ بَعْدَ الْبَاءِ وَبِيَاءَيْنِ بَعْدَهَا، فَقِيلَ: إِنَّ الْيَاءَ الْوَاحِدَةَ زَائِدَةٌ، وَلَا وَجْهَ لِزِيَادَتِهَا هُنَا، وَالصَّوَابُ عِنْدِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْأَلِفَ هِيَ الزَّائِدَةُ كَمَا زِيدَتْ فِي مِائَةٍ وَمِائَتَيْنِ، وَالْيَاءُ بَعْدَهَا هِيَ صُورَةُ الْهَمْزَةِ كُتِبَتْ عَلَى مُرَادِ الْوَصْلِ وَتَنْزِيلًا لِلْمُبْتَدَأَةِ مَنْزِلَةَ الْمُتَوَسِّطَةِ كَغَيْرِهَا، وَأَمَّا (بِايَةٍ، وَبِايَاتِنَا) فَرُسِمَ فِي بَعْضِ الْمَصَاحِفِ بِأَلِفٍ بَعْدَ الْيَاءِ وَيَاءَيْنِ بَعْدَهَا، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى زِيَادَةِ الْيَاءِ الْوَاحِدَةِ، وَقَالَ السَّخَاوِيُّ: وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي الْمَصَاحِفِ الْعِرَاقِيَّةِ (بَاييَةٍ، وَبِاييتِنَا) بِيَاءَيْنِ بَعْدَ الْأَلِفِ، وَلَمْ أَرَ فِيهَا غَيْرَ ذَلِكَ. ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي الْمُصْحَفِ الشَّامِيِّ كَذَلِكَ بِيَاءَيْنِ، قَالَ: إِنَّمَا كُتِبَتْ ذَلِكَ عَلَى الْإِمَالَةِ، فَصُوِّرَتِ الْأَلِفُ الْمُمَالَةُ يَاءً، وَحُذِفَتِ الْأَلِفُ الَّتِي بَعْدَ الْيَاءِ الثَّانِيَةِ مِنْ (بِآيَةٍ، وَبِآيَاتِنَا) كَمَا حُذِفَتْ مِنْ (آيَاتٍ) انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: حُذِفَتِ الْأَلِفُ الَّتِي بَعُدَ الْيَاءِ الثَّانِيَةِ مِنْ (بِآيَةٍ) فِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ الْيَاءِ فِي (بِآيَةٍ) أَلِفٌ، إِنَّمَا الْأَلِفُ الَّتِي بَعْدَ الْيَاءِ فِي (بِآيَاتِنَا)، وَلَوْ قَالَ: الْأَلِفُ الَّتِي بَعْدَ الْهَمْزَةِ فِي (بِآيَةٍ) وَالْأَلِفُ الَّتِي بَعْدَ الْيَاءِ فِي (بِآيَاتِنَا) لَكَانَ ظَاهِرًا. وَلَعَلَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ فَسَبَقَ قَلَمُهُ، أَوْ لَعَلَّهُ إِنَّمَا رَأَى بِـ " آيَةٍ " الْجَمْعَ مِثْلُ (بِآيَاتِنَا)، وَعَلَيْهِ يَصِحُّ كَلَامُهُ، وَلَكِنْ سَقَطَ مِنَ النَّاسِخِ سِنَةً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَهَذَا) مَا عَلِمْنَاهُ خَرَجَ مِنْ رَسْمِ الْهَمْزِ عَنِ الْقِيَاسِ الْمُطَّرِدِ، وَأَكْثَرُهُ عَلَى قِيَاسٍ مَشْهُورٍ، وَغَالِبُهُ لِمَعْنًى مَقْصُودٍ، وَإِنْ لَمْ يُرَدْ ظَاهِرُهُ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ وَجْهٍ مُسْتَقِيمٍ يَعْلَمُهُ مَنْ قَدَرَ لِلسَّلَفِ قَدْرَهُمْ وَعَرَفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ. وَقَدْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ فِي بَعْضِ مَا خَرَجَ عَمَّا عَرَفَهُ مِنَ الْقِيَاسِ: هُوَ عِنْدَنَا مِمَّا قَالَ فِيهِ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَرَى فِي الْمَصَاحِفِ لَحْنًا سَتُقِيمُهُ الْعَرَبُ بِأَلْسِنَتِهَا. وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: وَلَا يَجُوزُ عِنْدَنَا أَنْ يَرَى عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شَيْئًا فِي الْمُصْحَفِ يُخَالِفُ رَسْمَ الْكِتَابَةِ مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ فِيهَا فَيُقِرُّهُ عَلَى حَالِهِ وَيَقُولُ: إِنَّ فِي الْمُصْحَفِ لَحْنًا سَتُقِيمُهُ الْعَرَبُ بِأَلْسِنَتِهَا، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْكِتَابَةِ مَعْنًى وَلَا فَائِدَةٌ، بَلْ كَانَتْ تَكُونُ وَبَالًا لِاشْتِغَالِ