مَعَهُ ثُمَّ وَصَلْتَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْوَقْفِ السَّائِغِ جَوَازُهُ وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِيَ الْخِلَافُ، وَلَمَّا رَحَلْتُ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَرَأَيْتُ النَّاسَ يَجْمَعُونَ بِالْحَرْفِ كَمَا قَدَّمْتُ أَوَّلًا فَكُنْتُ أَجْمَعُ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ بِالْوَقْفِ وَأَسْبِقُ الْجَامِعِينَ بِالْحَرْفِ مَعَ مُرَاعَاةِ حُسْنِ الْأَدَاءِ وَكَمَالِ الْقِرَاءَةِ وَسَأُوَضِّحُ ذَلِكَ كُلَّهُ بِأَمْثِلَةٍ يَظْهَرُ لَكَ مِنْهَا الْمَقْصُودُ، وَاللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.
وَكَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَخْتَارُ الْجَمْعَ بِالْآيَةِ فَيَشْرَعُ فِي الْآيَةِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى آخِرِهَا ثُمَّ يُعِيدُهَا لِقَارِئٍ قَارِئٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ الْخِلَافُ وَكَأَنَّهُمْ قَصَدُوا بِذَلِكَ فَصْلَ كُلِّ آيَةٍ عَلَى حِدَّتِهَا بِمَا فِيهَا مِنَ الْخِلَافِ لِيَكُونَ أَسْلَمَ مِنَ التَّرْكِيبِ وَأَبْعَدَ مِنَ التَّخْلِيطِ، وَلَا يُخَلِّصُهُمْ ذَلِكَ إِذْ كَثِيرٌ مِنَ الْآيَاتِ لَا يَتِمُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، وَلَا يَحْسُنُ الِابْتِدَاءُ بِمَا بَعْدَهُ فَكَانَ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ هُوَ الْأَوْلَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَأَمَّا قَوْلُ الْأُسْتَاذِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْدَلُسِيِّ الْقِيجَاطِيِّ فِي قَصِيدَتِهِ التَّكْمِلَةِ الْمُفِيدَةِ الَّتِي أَشَرْنَا إِلَيْهَا فِي أَوَائِلِ كِتَابِنَا مِمَّا رَوَيْنَاهُ مِنْ كُتُبِ الْقِرَاءَاتِ حَيْثُ قَالَ فِيهَا: بَابُ كَيْفِيَّةِ الْجَمْعِ بِالْحَرْفِ وَشُرُوطِهِ ثُمَّ قَالَ:

عَلَى الْجَمْعِ بِالْحَرْفِ اعْتِمَادُ شُيُوخِنَا فَلَمْ أَرَ مِنْهُمْ مَنْ رَأَى عَنْهُ مَعْدِلَا
لِأَنَّ أَبَا عَمْرٍو تَرَقَّاهُ سُلَّمَا فَصَارَ لَهُ مَرْقًا إِلَى رُتَبِ الْعُلَا
وَلَكِنْ شُرُوطٌ سَبْعَةٌ قَدْ وَفَوْا بِهَا فَحَلُّوا مِنَ الْإِحْسَانِ وَالْحُسْنِ مَنْزِلَا
ثُمَّ قَالَ عَقِيبَ ذَلِكَ: كُلُّ مَنْ لَقِيتُ مِنْ كِبَارِ الشُّيُوخِ، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ كَالشَّيْخِ الْجَلِيلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْغُونٍ وَالشَّيْخِ الْجَلِيلِ أَبِي جَعْفَرٍ الطَّبَّاخِ وَالشَّيْخِ الْجَلِيلِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْحَوْصِ، وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ كَانَ فِي زَمَانِهِمْ إِنَّمَا كَانُوا يَجْمَعُونَ بِالْحَرْفِ لَا بِالْآيَةِ، وَيَقُولُونَ إِنَّهُ كَانَ مَذْهَبَ أَبِي عَمْرٍو يَعْنِي الدَّانِيَّ. قَالَ: وَأَمَّا الشُّرُوطُ السَّبْعَةُ فَتَرِدُ بَعْدَ هَذَا ثُمَّ قَالَ:
فَمِنْهَا مَعَالٍ يَرْتَقِي بِارْتِقَائِهَا وَمِنْهَا مَعَانٍ يَتَّقِي أَنْ تُبَدَّلَا
قَالَ: أَمَّا الْمَعَالِي فَمَا يَتَعَلَّقُ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَمَّا الْمَعَانِي فَحَيْثُ كَانَ الْوَقْفُ، أَوِ الْوَصْلُ يُبَدِّلُ أَحَدُهُمَا الْمَعْنَى، أَوْ يُغَيِّرُهُ فَيَجِبُ أَنْ يَتَّقِيَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ:


الصفحة التالية
Icon