ثُمَّ عَرَضَ لَهُ خُلْفٌ إِلَّا أَنَّ يُتِمَّ قِرَاءَةَ الْقَارِئِ الثَّانِي إِلَى انْقِطَاعِ الْآيَةِ ثُمَّ يَسْتَدْرِكُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا نَقَصَ مِنْ قِرَاءَةِ الْقَارِئِ الْأَوَّلِ حَذَرًا مِنْ أَنْ يَقْرَأَ، أَوَّلَ الْآيَةِ لِقَارِئٍ وَآخِرَهَا لِآخَرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقِفَ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا هُوَ (الشَّرْطُ السَّادِسُ).
وَأَمَّا (الشَّرْطُ السَّابِعُ)، وَهُوَ أَنْ يَبْدَأَ بِوَرْشٍ قَبْلَ قَالُونَ وَبِقُنْبُلٍ قَبْلَ الْبَزِّيِّ بِحَسَبِ تَرْتِيبِهِمْ فَهَذَا أَسْهَلُ الْأَوْجُهِ السَّبْعَةِ فَإِنَّ الشُّيُوخَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ كَانُوا لَا يَكْرَهُونَ هَذَا كَمَا كَانُوا يَكْرَهُونَ مَا قَبْلَهُ فَيَجُوزُ ذَلِكَ لِضَرُورَةٍ وَلِغَيْرِ ضَرُورَةٍ. وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَبْدَأَ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْمُؤَلِّفُونَ فِي كُتُبِهِمُ انْتَهَى قَوْلُ الْقَيْجَاطِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ نَظْمًا وَنَثْرًا.
وَفِي الشَّرْطِ الْأَخِيرِ نَظَرٌ، وَكَذَلِكَ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى السِّتَّةِ الْبَاقِيَةِ إِذْ لَيْسَتْ وَافِيَةً بِالْقَصْدِ تَجَنُّبُ مَا لَا يَلِيقُ مِمَّا يُوهِمُ غَيْرَ الْمَعْنَى الْمُرَادِ كَمَا إِذَا وَقَفَ عَلَى قَوْلِهِ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ، أَوِ ابْتَدَأَ بِقَوْلِهِ: وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ، وَبَلَغَنِي عَنْ شَيْخِ شُيُوخِنَا الْأُسْتَاذِ بَدْرِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ بَضْحَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَانَ كَثِيرَ التَّدْبِيرِ أَنَّ شَخْصًا كَانَ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ فَقَرَأَ: تَبَّتْ يَدَا أَبِي وَوَقَفَ وَأَخَذَ يُعِيدُهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَرَاتِبَ الْمَدِّ، فَقَالَ لَهُ: يَسْتَأْهِلُ الَّذِي أَبْرَزَ مِثْلَكَ.
(فَالْحَاصِلُ) أَنَّ الَّذِي يُشْتَرَطُ عَلَى جَامِعِي الْقِرَاءَاتِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ لَا بُدَّ مِنْهَا، وَهِيَ رِعَايَةُ الْوَقْفِ، وَالِابْتِدَاءِ، وَحُسْنُ الْأَدَاءِ، وَعَدَمُ التَّرْكِيبِ.
وَأَمَّا رِعَايَةُ التَّرْتِيبِ وَالْتِزَامُ تَقْدِيمِ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلَا يُشْتَرَطُ، بَلِ الَّذِينَ أَدْرَكْنَاهُمْ مِنَ الْأُسْتَاذَيْنِ الْحُذَّاقِ الْمُسْتَحْضِرِينَ لَا يَعُدُّونَ الْمَاهِرَ إِلَّا مَنْ لَا يَلْتَزِمُ تَقْدِيمَ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ وَلَكِنْ مَنْ إِذَا وَقَفَ عَلَى وَجْهٍ لِقَارِئٍ ابْتَدَأَ لِذَلِكَ الْقَارِئِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَبْعَدُ مِنَ التَّرْكِيبِ وَأَمْلَكُ فِي الِاسْتِحْضَارِ وَالتَّدْرِيبِ، وَبَعْضُهُمْ كَانَ يُرَاعِي فِي الْجَمْعِ نَوْعًا آخَرَ، وَهُوَ التَّنَاسُبُ فَكَانَ إِذَا ابْتَدَأَ مَثَلًا بِالْقَصْرِ أَتَى بِالْمُرَتَّبَةِ الَّتِي فَوْقَهُ ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى آخِرِ مَرَاتِبِ الْمَدِّ وَإِنِ ابْتَدَأَ بِالْمَدِّ الْمُشْبَعِ أَتَى بِمَا دُونَهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْقَصْرِ: وَإِنِ ابْتَدَأَ بِالْفَتْحِ أَتَى بَعْدَهُ بِبَيْنَ بَيْنَ ثُمَّ الْمَحْضِ، وَإِنِ ابْتَدَأَ بِالنَّقْلِ أَتَى بَعْدَهُ بِالتَّحْقِيقِ ثُمَّ السَّكْتِ الْقَلِيلِ ثُمَّ مَا فَوْقَهُ وَيُرَاعَى ذَلِكَ طَرْدًا