قلت: يعني في مجموع هذه الكلم من هذه الآيات سبعة أوجه، لا في كل كلمة منها، وقد يأتي في غيرها أكثر من سبعة أوجه بوجوه كثيرة إذا نظر إلى مجموع الكلم آحادها، كقوله سبحانه في "طه": ﴿وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى﴾ (١)، الآية، وذلك كثير، وإنما الشأن أن يكون في الكلمة الواحدة سبعة أوجه، فهذا الذي عز وجوده فعد من ذلك ألفاظ يسيرة، نحو ﴿أُفٍّ﴾ (٢) و ﴿عَذَابٍ بَئِيس﴾ (٣)، وليست كل الوجوه فيها من القراءات المشهورة، بل بعضها من القراءات الشاذة، إلا أنها من جملة اللغات والألفاظ المرادفة التي كانت القراءة قد أبيحت عليها، وقد تقدم أن معنى الحديث أن كلمات القرآن أبيح أن يقرأ كل كلمة منها على ما يحتمله من وجهين وثلاثة إلى سبعة، توسعة على الناس على قدر ما يخف [٤٦ ظ] على ألسنتهم.
وقد تقدم من حديث أبي بن كعب بإسناد صحيح أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لجبريل عليه السلام: "إني بعثت إلى أمة أمية فيهم الشيخ الفاني والعجوز الكبيرة والغلام، فقال: مرهم فليقرءوا القرآن على سبعة أحرف" (٤).
قلت: فمعنى الحديث أنهم رخص لهم في إبدال ألفاظه بما يؤدي معناها، أو يقاربه من حرف واحد إلى سبعة أحرف، ولم يلزموا المحافظة على حرف واحد؛ لأنه نزل على أمة أمية لم يعتادوا الدرس والتكرار وحفظ الشيء.

(١) طه: ٩.
(٢) الإسراء: ٢٣، الأنبياء: ٦٧، الأحقاف: ١٧، انظر الحاشية رقم ١ ص١٠٠.
(٣) الأعراف: ١٦٥، انظر الأوجه المروية في قراءة هذه الكلمة في الحاشية رقم ٤ ص١١٠.
(٤) مر ذكر هذا الحديث بألفاظ أخر في ٨٢، وتخريجها في الحاشية رقم ٤ و٦ ص٨٣.


الصفحة التالية
Icon