عنهم تبارك وتعالى هذه [٤٨ و] المحنة، وأباح لهم القراءة على لغاتهم، وحمل حروفه، على عاداتهم، وكان الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرئهم بما يفقهون، ويخاطبهم بالذي يستعملون بما طوقه الله من ذلك، وشرح به صدره، وفتق به لسانه، وفضله على جميع خلقه".
ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نزل القرآن على سبعة أحرف عليما حكيما غفورا رحيما" (١)، قال: "وهذا الحديث يفسره قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ليس الخطأ أن تجعل خاتمة آية خاتمة آية آخرى، أن تقول: عزيز حكيم، وهو غفور رحيم، ولكن الخطأ أن تجعل آية الرحمة آية العذاب" (٢).
وذكر حديث حسين بن علي عن زائدة (٣) عن عاصم (٤) عن زر (٥) عن أبي رضي الله عنه قال: لقي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جبريل عليه السلام

(١) المصنف ٢/ ١٦١، وانظر ص٨٥.
(٢) انظر ص٨٨.
(٣) هو زائدة بن قدامة الثقفي، أبو الصلت الكوفي، توفي سنة ١٦١هـ "تذكرة الحفاظ ١/ ٢٠٠، تهذيب التهذيب ٣/ ٣٠٦".
(٤) هو عاصم بن أبي النجود بهدلة الأسدي بالولاء، أبو بكر الكوفي، أحد القراء السبعة، كان أحسن الناس صوتا بالقرآن، وله اشتغال بالحديث، توفي سنة ١٢٧هـ "مراتب النحويين ص٢٤، وفيات الأعيان ١/ ٣٠٤، غاية النهاية ١/ ٣٤٦، تهذيب التهذيب ٥/ ٣٨، ميزان الاعتدال ٢/ ٥".
(٥) هو زر بن حبيش الأسدي، أبو مريم الكوفي، تابعي مشهور، كان من أعرب الناس، وكان ابن مسعود يسأله عن العربية، توفي سنة ٨٣هـ على خلاف "تذكرة الحفاظ ١/ ٥٤، الإصابة ١/ ٥٧٧، تهذيب التهذيب ٣/ ٣٢١".


الصفحة التالية
Icon