والكرامة التي لم يؤتها أحدًا في تنزيله".
"وذلك أن كل كتاب تقدم كتابنا نزوله على نبي من أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم، فإنما نزل بلسان واحد، متى حول إلى غير اللسان الذي نزل به، كان ذلك ترجمة له وتفسيرًا، لا تلاوة له على ما أنزل الله".
"وأنزل كتابنا بألسن سبعة، بأي تلك الألسن السبعة تلاه التالي كان له تاليا على ما أنزله الله، لا مترجما ولا مفسرًا، حتى يحوله عن تلك الألسن السبعة إلى غيرها، فيصير فاعل ذلك حينئذ -إذا أصاب معناه- له مترجما".
"فذلك معنى قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كان الكتاب الأول نزل على حرف واحد، ونزل القرآن على سبعة أحرف".
"وأما معنى قوله: "إن الكتاب الأول نزل من باب واحد ونزل القرآن من سبعة أبواب" (١)، فقد مضى تفسير "الأبواب السبعة".
وهي أنه آمر وزاجر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، ولم يجمع كتاب مما تقدم هذه "الأبواب السبعة" كزبور داود الذي هو تذكر ومواعظ، وإنجيل عيسى الذي هو تمجيد ومحامد [٥٢ و] وحض على الصفح والإعراض" (٢).
وأطال الطبري رحمه الله كلامه في تقرير ذلك، والله أعلم.

(١) مر ذكر هذا الحديث في ص١٠٧.
(٢) تفسير الطبري ١/ ٧٠.


الصفحة التالية
Icon