وتقديم كلمة على أخرى، وذلك نحو ما روي عن بعضهم: "ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج" (١)، وروي عن بعضهم: "حم سق" (٢)، "إذا جاء فتح الله والنصر" (٣)، فهذا الضرب وما أشبهه متروك، لا تجوز القراءة به، ومن قرأ بشيء منه غير معاند ولا مجادل عليه وجب على الإمام أن يأخذه بالأدب، بالضرب والسجن على ما يظهر له من الاجتهاد، فإن جادل عليه ودعا الناس إليه وجب عليه القتل، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المراء في القرآن كفر" (٤) ولإجماع الأمة على اتباع المصحف المرسوم".
"والضرب الثاني: ما اختلفت القراء فيه من إظهار، وإدغام، وروم، وإشمام، وقصر، ومد، وتخفيف، وشد وإبدال حركة بأخرى، وياء بتاء، وواو بفاء، وما أشبه ذلك من الاختلاف المتقارب".
"فهذا الضرب هو المستعمل في زماننا هذا، وهو الذي عليه خط مصاحف الأمصار، سوى ما وقع فيه من اختلاف في حروف يسيرة".
"فثبت بهذا: أن هذه القراءات التي نقرؤها، هي بعض من الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن، استعملت لموافقتها المصحف الذي اجتمعت

(١) البقرة: ١٩٨، بزيادة "في مواسم الحج"، وهي قراءة مروية عن عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير كما في كتاب المصاحف ص٥٤، ٥٥، ٧٤، ٨٢، ونسبها البخاري في الصحيح ٥/ ١٥٨ لابن عباس، وانظر: عمدة القارئ ٨/ ٤٤٨.
(٢) هي قراءة مروية عن عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس "انظر: تفسير الطبري ٢٥/ ٦، والكشاف ٤/ ٢٠٨". وقراءتنا ﴿حم ؟، عسق﴾ "الشورى: ١، ٢".
(٣) هي قراءة تروى عن عبد الله بن عباس "انظر: كتاب المصاحف ص٨١". والقراءة المعروفة هي ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْح﴾ "النصر: ١".
(٤) انظر ص٨٤، ٨٥، ١٠٤، ١٣٥.


الصفحة التالية
Icon