الدرداء بالشام، فانتقلوا عما بان لهم أنهم أمروا بالانتقال عنه مما كان بأيديهم، وثبتوا على ما لم يكن في المصاحف الموجهة إليهم مما يستدلون به على انتقالهم عنه".
قلت: وذكر نحو ذلك مكي في كتابه المفرد (١) الذي ألحقه "بكتاب الكشف" وكذلك الإمام أبو بكر بن العربي في "كتاب القبس"، قال:
"فإن [٥٧ ظ] قيل: فما تقولون في هذه القراءات السبع التي ألفت في الكتب؟
"قلنا: إنما أرسل أمير المؤمنين (٢) المصاحف إلى الأمصار الخمسة بعد أن كتبت بلغة قريش، فإن القرآن إنما نزل بلغتها ثم أذن رحمة من الله تعالى لكل طائفة من العرب أن تقرأ بلغتها على قدر استطاعتها، فلما صارت المصاحف في الآفاق غير مضبوطة ولا معجمة قرأها الناس فما أنفذوه منها نفذ، وما احتمل وجهين طلبوا فيه السماع حتى وجدوه".
"فلما أراد بعضهم أن يجمع ما شذ عن خط المصحف من الضبط جمعه على سبعة أوجه اقتداء بقوله: "أُنزل القرآن على سبعة أحرف".
قال: "وليست هذه الروايات بأصل في التعيين، بل ربما خرج عنها ما هو مثلها أو فوقها كحروف أبي جعفر المدني (٣) وغيره" (٤).
(٢) يعني عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين، مرت ترجمته في الحاشية رقم ٣ ص٦.
(٣) هو يزيد بن القعقاع المخزومي بالولاء، أبو جعفر المدني، أحد القراء العشرة، من التابعين، أخذ القراءة عرضا عن ابن عباس وعبد الله بن عياش وأبي هريرة، ويقال: قرأ على زيد بن ثابت، توفي سنة ١٣٠هـ على خلاف "وفيات الأعيان ٢/ ٣٤٨، غاية النهاية ٢/ ٣٨٢: تهذيب التهذيب ١٢/ ٥٨".
(٤) القبس ص٤٦و.