فلا ينبغي أن يغتر بكل قراءة تعزى إلى واحد من هؤلاء الأئمة السبعة ويطلق عليها لفظ الصحة، وإن هكذا أنزلت إلا إذا دخلت في ذلك الضابط، وحينئذ لا ينفرد بنقلها مصنف عن غيره ولا يختص ذلك بنقلها عنهم، بل إن نقلت عن غيرهم من القراء، فذلك لا يخرجها عن الصحة. فإن الاعتماد على استجماع تلك الأوصاف، لا عمن تنسب إليه.
فإن القراءات المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ، غير أن هؤلاء السبعة [٦٩ و] لشهرتهم وكثرة الصحيح المجتمع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم، فوق ما ينقل عن غيرهم.
فمما نسب إليهم وفيه إنكار لأهل اللغة وغيرهم:
الجمع بين الساكنين في تاءات البزي (١)، إدغام (٢) أبي عمرو، وقراءة حمزة "فما اسطّاعوا" (٣)، وتسكين من أسكن "بارِئْكم" و"يأمُرْكم" (٤)
(٢) المثلان إذا كانا من كلمتين فإن أبا عمرو كان يدغم الأول في الثاني منهما، سواء سكن ما قبله أو تحرك في جميع القرآن، نحو قوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَان﴾ "البقرة: ١٨٥" جمعا بين الساكنين، و ﴿ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُون﴾ "الأنفال: ٧". انظر: التيسير، ص٢٠.
(٣) الكهف: ٩٧، قرأ حمزة في هذه الكلمة بتشديد الطاء، يريد ﴿فَمَا اسْتَطَاعُوا﴾ فأدغم التاء في الطاء وجمع بين ساكنين وصلا "انظر: التيسير ص١٤٦، والنشر ٢/ ٣١٦".
(٤) يشير المؤلف فيهما إلى قراءة أبي عمرو في سورة البقرة: ٥٤ ﴿بَارِئِكُم﴾ باختلاس كسرة الهمزة وإسكانها، وكذلك باختلاس ضمة الراء من "يأمركم و"تأمرهم" و"يأمرهم" و"ينصركم" و"يشعركم" حيث وقع في القرآن "انظر: التيسير ص٧٣، والنشر ٢/ ٢١٢".