السلطان (١) فقبض عليه في يوم السبت لست خلون من ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، وحمل إلى دار الوزير محمد بن علي -يعني ابن مقلة- (٢) وأحضر القضاة والفقهاء والقراء وناظره -يعني الوزير- بحضرتهم، فأقام على ما ذكر عنه ونصره واستنزله الوزير عن ذلك [٧٥ و] فأبى أن ينزل عنه أو يرجع عما يقرأ به من هذه الشواذ المنكرة التي تزيد على المصحف وتخالفه، فأنكر ذلك جميع من حضر المجلس وأشاروا بعقوبته ومعاملته بما يضطره إلى الرجوع فأمر بتجريده وإقامته بين الهنبازين وضربه بالدرة على قفاه، فضرب نحو العشرة ضربا شديدا، فلم يصبر واستغاث وأذعن بالرجوع والتوبة فخلي عنه وأعيدت عليه ثيابه واستتيب، وكتب عليه كتاب بتوبته وأخذ فيه خطه بالتوبة" (٣).
وقرأت في تاريخ هارون بن المأمون قال:
"وفي أيام الراضي ضرب ابن مقلة ابن شنبوذ سبع درر لأجل قراءة أنكرت عليه ودعا عليه بقطع اليد وتشتت الشمل فقطعت يده ثم لسانه.
وقرأت في تاريخ ثابت بن سنان (٤) شرح هذه القصة فقال:
"بلغ الوزير أبا علي محمد بن مقلة أن رجلا -يعرف بابن شنبوذ-
(٢) هو محمد بن علي بن الحسين بن عبد الله، أبو علي، المعروف بابن مقلة، توفي سنة ٣٢٨هـ "المنتظم ٦/ ٣٠٩، وفيات الأعيان ٢/ ٧٩، الأعلام ٧/ ١٥٧".
(٣) تاريخ بغداد ١/ ٢٨٠.
(٤) هو ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة بن مروان، أبو الحسن الصابي، طبيب، مؤرخ، له تصانيف، توفي سنة ٣٦٥هـ "معجم الأدباء ٢/ ٣٩٧، شذرات الذهب ٣/ ٤٤".