وفي "كتاب المنهاج" لأبي عبد الله الحليمي: كان ينزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في كل ليلة، قدر ما ينزل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الليلة التي تليها (١)، فينزل جبريل عليه السلام ذلك نجوما بأمر الله تعالى فيما بين الليلتين من السنة إلى أن ينزل القرآن كله من اللوح المحفوظ في عشرين ليلة من عشرين سنة (٢).
قلت: فهذان قولان في كيفية إنزاله في ليلة القدر: أحدهما أنه نزل جملة واحدة، والثاني أنه نزل في عشرين ليلة من عشرين سنة.
وذكر أبو الحسن الماوردي (٣) في تفسيره قال: نزل القرآن في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة من عند الله تعالى من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا، فنجمته السفرة على جبريل عليه السلام عشرين عليه، ونجمه جبريل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عشرين [٦ و] سنة، فكان ينزل على مواقع النجوم إرسالا في الشهور والأيام (٤).
ذكر ذلك في تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ (٥) قال: فيه قولان: أحدهما ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما (٦)، فذكر ذلك، وكأنه قول ثالث غير القولين المقدمين، أو أراد الجمع بينهما،

(١) أي ليلة القدر التي تليها.
(٢) المنهاج ٢/ ١٠٣ظ.
(٣) هو علي بن محمد بن حبيب، أبو الحسن الماوردي، كان من كبار الفقهاء الشافعية، له تصانيف كثيرة، منها تفسيره "العيون والنكت" المعروف بـ"تفسير الماوردي"، توفي سنة ٤٥٠هـ "وفيات الأعيان ١/ ٤١٠، طبقات السبكي ٣/ ٣٠٣".
(٤) تفسير الماوردي ٣/ ٢٧٠و.
(٥) القدر: ١.
(٦) تفسير الماوردي ٣/ ٣٧٠و.


الصفحة التالية
Icon