أربع ليال، أو خمس ليال، ولولا إني أقطع [٨٢ ظ] الفكر فيها، ما جاوزتها إلى غيرها" (١).
قلت: فمثل هذا الذي حصل على المقصود من العلوم.
قال أبو حامد الغزالي (٢) في كتاب ذم الغرور:
"اللب الأقصى هو العمل، والذي فوقه هو معرفة العمل، وهو كالقشر للعمل وكاللب بالإضافة إلى ما فوقه، والذي فوقه هو سماع الألفاظ وحفظها بطريق الرواية، وهو قشر بالإضافة إلى المعرفة ولب بالإضافة إلى ما فوقه، وما فوقه هو العلم باللغة والنحو، وفوق ذلك القشرة العليا وهو العلم بمخارج الحروف، والعارفون بهذه الدرجات كلهم مغترون إلا من اتخذ هذه الدرجات منازل، فلم يعرج عليها إلا بقدر حاجته، فتجاوز إلى ما وراءه، حتى وصل إلى باب العمل، وطالب بحقيقة العمل قلبه وجوارحه، ورجى عمره في حمل النفس عليه وتصحيح الأعمال وتصفيتها عن الشوائب والآفات، فهذا هو المقصود المخدوم من جملة علوم الشرع، وسائر العلوم خدم له ووسائل إليه وقشور له ومنازل بالإضافة إليه، وكل من لم يبلغ المقصد فقد خاب، سواء كان في المنزل القريب، أو في المنزل البعيد، وهذه العلوم لما كانت متعلقة بعلوم الشرع اغتر بها أربابها" (٣).
وقال في كتاب تلاوة القرآن:
(٢) هو محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الغزالي، أبو حامد الطوسي، فيلسوف، متصوف، فقيه، له مؤلفات في عدة فنون، منها "إحياء علوم الدين"، توفي سنة ٥٠٥هـ "المنتظم ٩/ ١٦٨، وفيات الأعيان ١/ ٥٦١، طبقات السبكي ٤/ ١٠١، شذرات الذهب ٤/ ١٠".
(٣) الإحياء ٣/ ٣٩٨.