وقد تكلم على فائدة إنزال القرآن جملة، شيخنا أبو الحسن (١) رحمه الله ببعض ما ذكرناه (٢).
ووقفت على كلام حسن للحكيم الترمذي [٨ ظ] أبي عبد الله محمد بن علي (٣) في تفسيره فقال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا تسليما منه للأمة ما كان أبرز لهم من الحظ بمبعث محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذلك أن بعثة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانت رحمة، فلما خرجت الرحمة بفتح الباب جاءت بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبالقرآن، فوضع القرآن ببيت العزة في السماء الدنيا ليدخل في حد الدنيا، ووضعت النبوة في قلب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وجاء جبريل عليه السلام بالرسالة ثم الوحي، كأنه أراد تبارك وتعالى أن يسلم هذه الرحمة التي كانت حظ هذه الأمة من الله تعالى إلى الأمة، ثم أجرى من السماء الدنيا الآية بعد الآية عند نزول النوائب، قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين﴾ (٤)، وقال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (٥).
(٢) انظر: جمال القراء ص٥ظ.
(٣) هو محمد بن علي بن الحسن بن بشير، أبو عبد الله الحكيم الترمذي، صوفي، إمام من أئمة المسلمين وعالم بأصول الدين، له مصنفات، وفي وفاته اختلاف، قال ابن حجر في "لسان الميزان":
عاش إلى حدود العشرين وثلاثمائة وعاش نحوًا من تسعين سنة | "طبقات السبكي ٢/ ٢٠، لسان الميزان ٥/ ٣٠٨، كشف الظنون ١/ ٨٣٨، الأعلام ٧/ ١٥٦". |
(٥) يونس: ٥٧.