سوره، ويمكن أن يكون قد وكل ذلك إلى الأمة بعده، ولم يتول ذلك بنفسه [١٥ ظ] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن هذا القول الثاني أقرب وأشبه بأن يكون حقا على ما سنبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى، وإن القرآن لم يثبت آيه على تاريخ نزوله، بل قدم ما تأخر إنزاله، وأخر بعض ما تقدم نزوله على ما قد وقف عليه الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ذلك" (١)... وساق الكلام إلى آخره في "كتاب الانتصار" للقرآن، على كثرة فوائده، رحمه الله.
قلت: وقد ذكرنا أسماء كتاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين كانوا يكتبون له الوحي وغيره في ترجمته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في "تاريخ دمشق" (٢) نحو خمسة وعشرين اسما. والله أعلم.
وقد أخبرنا شيخنا أبو الحسن في "كتاب الوسيلة" عن شيخه الشاطبي (٣) بإسناده إلى ابن وهب (٤) قال: سمعت مالكا (٥) يقول: إنما ألف القرآن
(٢) هو مختصر تاريخ مدنية دمشق الذي صنفه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن عساكر المتوفى سنة ٥٧١هـ. قال أبو شامة في كتابه الروضتين ١/ ٥: "هو ثمانمائة جزء في ثمانين مجلدًا، فاختصرته وهذبته وزدته فوائد من كتب أخرى جليلة وأتقنته ووقف عليه العلماء وسمعه الشيوخ والفضلاء... " وانظر بروكلمان: Gl ٣٣١.
(٣) هو القاسم بن فيره بن خلف بن أحمد الرعيني أبو القاسم وأبو محمد الشاطبي، صاحب القصيدة التي سماها "حرز الأماني ووجه التهاني" في القراءات، كان عالما في القراءات والتفسير والنحو واللغة وغيرها، وكان ضرير البصر، توفي سنة ٤٩٠هـ "معجم الأدباء ٦/ ١٨٥"، وفيات الأعيان ١/ ٥٣٤، غاية النهاية ٢/ ٢٠، شذرات الذهب ٤/ ٣٠١".
(٤) هو عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي بالولاء، أبو محمد المصري، الحافظ الفقيه، من أصحاب الإمام مالك، له تصانيف، منها كتابه "الجامع" توفي سنة ١٩٧هـ "وفيات الأعيان /٣١٢، تذكرة الحفاظ ١/ ٢٧٩، تهذيب التهذيب ٦/ ٧١".
(٥) هو الإمام مالك بن أنس بن مالك الأصبحي، أبو عبد الله المدني، أحد الأئمة الأعلام الذي تنسب إليه الماليكة من المذاهب الأربعة عند أهل السنة، له تصانيف، منها كتابه "الموطأ" توفي سنة ١٧٩هـ "صفة الصفوة ٢/ ٩٩، وفيات الأعيان ١/ ١٥٥، تذكرة الحفاظ ١/ ١٩١، تهذيب التهذيب "٥/ ١٠".