بقيت بعده عند أصحابه، فسمعها عثمان منهم.
وأخرج هذا الحديث الحافظ البيهقي في كتاب "المدخل" بمخالفة لهذا في بعض الألفاظ وبزيادة ونقصان فقال: [١٩ ظ] جلس عثمان على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إنما عهدكم بنبيكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منذ ثلاث عشرة سنة، وأنتم مختلفون في القراءة يقول الرجل لصاحبه: والله ما تقيم قراءتك. قال: فعزم على كل من كان عنده شيء من القرآن إلا جاء به، فجاء الناس بما عندهم فجعل يسألهم عليه البينة أنهم سمعوه من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال: من أعرب الناس؟ قالوا: سعيد بن العاص، قال: فمن أكتب الناس؟ قالوا: زيد بن ثابت كاتب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فليمل سعيد وليكتب زيد. قال: فكتب مصاحف ففرقها في الأجناد، فلقد سمعت رجالا من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولون: لقد أحسن.
قال البيهقي: فيه انقطاع بين مصعب وعثمان، وقد روينا عن زيد بن ثابت أن التأليف كان في زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وروينا عنه أن الجمع في الصحف كان في زمن أبي بكر، والنسخ في المصاحف كان في زمن عثمان، وكان ما يجمعون وينسخون معلوما لهم، فلم يكن به حاجة إلى مسألة البينة.
قلت: لم تكن البينة على أصل القرآن، فقد كان معلوما لهم ذكر، وإنما كانت على ما أحضروه من الرقاع (١) المكتوبة فطلب البينة عليها أنها

(١) الرقاع: جمع رقعة، وقد يكون من جلد أو ورق أو كاغد "عمدة القاري ٩/ ٣٠٤".


الصفحة التالية
Icon