ابن شهاب أنه قال: إن المسلمين لما أصيبوا باليمامة فزع أبو بكر رضي الله عنه إلى القرآن، وخاف أن تهلك منه طائفة، وإنما كان في العسب والرقاع، فأقبل الناس بما كان معهم وعندهم، حتى جمع على عهد أبي بكر رضي الله عنه، فكتبوه في الورق [٢٢ و] وجمعوه فيه، وقال أبو بكر: التمسوا له اسمًا، فقال بعضهم: السفر، وقال بعضهم: كان الحبشة يدعونه المصحف.
قال: فكان أبو بكر أول من جمع القرآن في المصحف.
وعن أسلم مولى عمر (١) قال: اختلف الناس في القرآن فجعل الرجل يلقى الرجل في مغزاته فيقول: معي من القرآن ما ليس معك، أقرأني أبي بن كعب كذا وكذا، ويقول هذا: أقرأني عبد الله بن مسعود كذا وكذا، فلما رأى ذلك عثمان شاور فيه أهل القرآن من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فرأوا أن يجمعوه في مصحف واحد، ثم يفرق في البلاد مصحفا مصحفا، ثم تحرق سائر الصحف، فدعا عثمان رضي الله عنه أربعة نفر، ثلاثة من قريش ورجلا من الأنصار: عبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وسعيد بن العاص وزيد بن ثابت فقال: انسخوه. فنسخوه على هذا التأليف، وقال: ما اختلفتم فيه أنتم وزيد بن ثابت فاكتبوه على ما تقولون أنتم، فإن القرآن أنزل على لسان قريش، فنسخوا القرآن في مصحف واحد حتى فرغوا منه، ثم نسخ من ذلك المصحف مصاحف، فبعث إلى كل بلد مصحفا، وأمرهم بالاجتماع على هذا المصحف.
وروى يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة عن موسى بن جبير (٢) أن عثمان
(٢) هو موسى بن جبير الأنصاري المدني، مولى بني سلمة "تهذيب التهذيب ١٠/ ٣٣٩، خلاصة تهذيب الكمال ص٣٣٤".