قال: وقد ذكر في بعض الروايات أن الذي نصبه عثمان لإملاء المصحف أبان بن سعيد بن العاص (١). والسيرة تشهد بأن ذلك غلط؛ لأن أهلها قد رووا أن أبان بن سعيد متقدم الموت، وأنه قد هلك قبل جمع عثمان المصحف بزمان طويل، وأنه قتل بالشام في وقعة أجنادين (٢) في سنة ثلاث عشرة، وإنما المنصوب لإملاء المصحف الذي أقامه عثمان لذلك سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص، وهو ابن أخي أبان بن سعيد بن العاص (٣).
ونقلت من كتاب "شرح السنة" الذي سمعناه على القاضي أبي المجد محمد بن الحسين القزويني (٤) بسماعه من الإمام أبي منصور محمد بن أسعد بن محمد حفدة الطوسي (٥) بسماعه من لفظ المصنف الفقيه الإمام محيي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي (٦) رحمه الله قال: الصحابة رضي الله

(١) هو أبان بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، أسلم أيام خيبر وقتل يوم أجنادين سنة ١٣هـ "الإصابة١/ ١٣".
(٢) قال ياقوت الحموي في معجم البلدان "١/ ١٢٦" "أجنادين: بالفتح ثم السكون ونون وألف وتفتح الدال فتكسر معها النون فيصير بلفظ التثنية، وتكسر الدال وتفتح النون بلفظ الجمع، وأكثر أصحاب الحديث يقولون: إنه بلفظ التثنية... وهو موضع معروف بالشام من نواحي فلسطين... كانت به وقعة بين المسلمين والروم مشهورة سنة ثلاث عشرة قبل وفاة أبي بكر رضي الله عنه بنحو شهر، ثم إن الله تعالى هزمهم وفرقهم وقتل المسلمين منهم خلقا، واستشهد من المسلمين طائفة... " ا. هـ. بتصرف قليل.
(٣) قال ابن حجر في الإصابة ١/ ١٤: "والمعروف أن المأمور بذلك سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص، وهو ابن أخي أبان بن سعيد، والله أعلم".
(٤) توفي القاضي أبو المجد سنة ٦٢٢هـ، وترجمته في: شذارت الذهب ٥/ ١٠١.
(٥) هو محمد بن أسعد بن محمد بن الحسين بن القاسم المعروف بحفدة، أبو منصور الطوسي، الواعظ، من فقهاء الشافعية، توفي سنة ٥٧٣هـ "المنتظم ١٠/ ٢٧٩، وفيات الأعيان ١/ ٥٩٦، طبقات السبكي ٤/ ٦٥".
(٦) هو الحسين بن مسعود بن محمد المعروف بالفراء، الملقب محيي السنة، أبو محمد البغوي، عالم بالتفسير والحديث والفقه وغيرها، وصنف التصانيف فيها، منها "معالم التنزيل" في التفسير، و"التهذيب" في الفقه، و"شرح السنة" في الحديث، توفي سنة ٥١٠هـ "وفيات الأعيان ١/ ١٨٢، طبقات السبكي ٤/ ٢١٤".


الصفحة التالية
Icon