الله أقرأنيها (١).
وفي صحيح مسلم عن أبي بن كعب قال: كنت في المسجد، فدخل رجل فصلى فقرأ قراءة أنكرتها، ثم دخل آخر، فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ودخل آخر فقرأ -وفي رواية: ثم قرأ هذا- سوى قراءة صاحبه، فأقرأهما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقرأ، فحسن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شأنهما، فسقط في نفسي من التكذيب، ولا إذ كنت في الجاهلية، فلما رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما قد غشيني ضرب في صدري، ففضت عرقا، وكأنما أنظر إلى الله عز وجل فرقا (٢) فقال: "يا أُبي إن ربي أرسل إلي أن أقرأ القرآن على حرف فرددت إليه أن هون على أمتي، فرد إلي الثانية: اقرأه على حرفين، فرددت إليه يهون على أمتي فرد إلي في الثالثة: اقرأه على سبعة أحرف ولكل بكل ردة رددتكها مسألة تسألينها، فقلت: اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي الخلق كلهم حتى إبراهيم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" (٣).
وأخرجه أبو جعفر الطبري (٤) في أول تفسيره بسنده عن أبي قال: دخلت
(٢) فرقا: أي خوفا.
(٣) مسلم ٢/ ٢٠٣، ورواه أحمد بن حنبل في مسنده ٥/ ١٢٧.
(٤) هو محمد بن جرير بن يزيد بن خالد، أبو جعفر الطبري، كان إماما في فنون كثيرة، منها التفسير والقراءات والحديث والفقه والتاريخ وغير ذلك، له مؤلفات، منها تفسيره "جامع البيان عن تأويل القرآن" وتاريخه "أخبار الرسل والملوك"، توفي سنة ٣١٠هـ "معجم الأدباء ٦/ ٤٢٤، وفيات الأعيان ١/ ٥٧٧، طبقات المفسرين ص٣٠".