إلا حديثا واحدا يروى عن سمرة بن جندب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "أنزل القرآن على ثلاثة أحرف". قال أبو عبيد: ولا نرى المحفوظ إلا السبعة؛ لأنها المشهورة.
قلت: أخرج حديث الثلاثة الحاكم في مستدركه (١)، فيجوز أن يكون معناه: أن بعضه أنزل على ثلاثة أحرف كـ ﴿جَذْوَةٍ﴾ (٢) و ﴿الرَّهْبِ﴾ (٣) و ﴿الصَّدَفَيْنِ﴾ (٤)، يقرأ كل واحد على ثلاثة أوجه في هذه القراءات المشهورة، أو أراد: أنزل ابتداء على ثلاثة، ثم زيد إلى سبعة، والله أعلم. ومعنى جميع ذلك أنه نزل منه ما يقرأ على حرفين وعلى ثلاثة وعلى أكثر من ذلك إلى سبعة أحرف توسعة على العباد باعتبار اختلاف اللغات والألفاظ المترادفة وما يقارب معانيها، وقد جاء عن ابن مسعود: ليس الخطأ أن يدخل بعض السورة في الأخرى ولا أن تختم الآية بحكيم عليم، أو عليم حكيم، ولكن الخطأ أن تجعل فيه ما ليس فيه، وإن تختم آية رحمة بآية عذاب أو آية عذاب بآية رحمة (٥).

(١) انظر: المستدرك ٢/ ٢٢٣.
(٢) القصص: ٢٩، يعني بفتح الجيم، وهي قراءة عاصم، وضمها، وهي قراءة حمزة، وكسرها، وهي قراءة الباقين من السبعة "انظر: التيسير ص١٧١".
(٣) القصص: ٣٢، يعني بالأحرف الثلاثة ما يأتي: الرهب: بفتح الراء وإسكان الهاء، وهي قراءة حفص؛ والرهب: بفتح الراء والهاء، وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو، والرهب: بضم الراء وإسكان الهاء، وهي قراءة الباقين من السبعة "انظر: التيسير ص١٧١".
(٤) الكهف: ٩٦، الأحرف الثلاثة المقصودة هنا ما يأتي: الصدفين: بضمتين، وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وابن عامر؛ والصدفين: بضم الصاد وإسكان الدال، وهي قراءة أبي بكر راوي عاصم؛ والصدفين: بفتحتين، وهي قراءة الباقين من السبعة "انظر: التيسير ص١٤٦".
(٥) رواه البيهقي بألفاظ أخرى في شعب الإيمان ١/ ٣٧٤ و؛ وانظر ص١٢٩ أيضا.


الصفحة التالية
Icon