عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا} قالوا: "ليس عن هذا نسألك"١ قال: "فما عندنا وهي غيره"٢.
سؤال رسول الله ﷺ أصحابه المبايعة عليها:
قال أبو عبد الله الحاكم رحمه الله:
حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار٣، حدثنا محمد بن مسلمة الواسطي٤، حدثنا يزيد بن هارون٥، أنبأنا سفيان بن حسين٦، عن الزهري٧، عن أبي إدريس٨، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يبايعني على هؤلاء الآيات، ثم قرأ ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ﴾ حتى ختم الآيات الثلاث، فمن وفى فأجره على الله، ومن انتقص أدركه الله بها في الدنيا كانت عقوبته، ومن أخر إلى الآخرة، كان أمره إلى الله، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له"٩. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يخرجاه"١٠. وقد وافقه على هذا الحافظ الذهبي رحمه الله١١.

١الذي يظهر لي أنهم أرادوا أن يقص عليهم خبر الوحي إلى رسول الله ﷺ على نحو ماروت عائشة رضي الله عنها لكنهم صرفهم إلى هذا ليرشدهم إلى فضلها وأهميتها وقوله: (ليس عندنا وحي غيره) الضمير يعود على القرآن فلا يفهم أنه نفى ماعدا هذه الآيات.
٢ الطبري ٨/٦٤.
٣ نقل السبكي عن الحاكم أنه قال: هو محدث عصره وكان مجاب الدعوة (طبقات الشافعية ٢/١٧٨) وهذه التزكية من أبي عبد الله الحاكم لشيخه ولها قيمتها لقوة الصلة ومزيد الخبرة رحم الله الجميع.
٤ أبو جعفر، قال الخطيب رحمه الله: في حديثه مناكير بأسانيد واضحة، ونقَل عن الحاكم أنه سمع الدار القطني يقول: لا بأس به، ونقل الخطيب تضعيفه عن آخرين. (تاريخ بغداد ٣/٣٠٥). وأمر الحاكم واضح في هذا فقد أخذ بقول الدارقطني رحمه الله وإن كنت لم أجد هذا في سؤالاته للدار قطني ولا الضعفاء المتروكون له ولعله في كتاب آخر بل الذي في سؤالات البرقاني للدار قطني (متروك) أنظر ص ٢٨ لكن العجيب أن الحافظ الذهبي يوافق الحاكم على صحة الحديث مع أنه لا يرضى عن محمد بن مسلمة حسبما نفهم من ترجمته له (في الميزان ٤/٤١) فهل تبع الحاكم في أخذ يقول الدارقطني أو أنها كبوة ولكل جواد كبوة.
٥ أبو خالد، الواسطي، ثقة متقن.
٦ أبو محمد، الواسطي ثقة في غير الزهري باتفاقهم.
٧ محمد بن مسلم، الفقيه الحافظ، المتفق على جلالته وإتقانه.
٨ الخولاني عائذ بن عبد الله، سمع من كبار الصحابة، وكان عالم الشام بعد أبي الدرداء.
٩ لاشك أن من المعلوم للمسلم أن الشرك لا يدخل تحت هذا القول فهو مخصوص بقوله تعالى ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك﴾ الآية ٤٨ من النساء وإذا علم فإن قوله هذا أصل مذهب السنة والجماعة لأنه فيما عاد الشرك وقتل النفس على خلاف في الأخير من الكبائر التي يدخل أصحابها تحت مشيئة خلافاً للخوارج القائلين بأن مرتكب الكبيرة مخلد في النار وهو مذهب واضح البطلان.
١٠ (المستدرك ٢/٣١٨) وتقدم الكلام عن هذا التعليق (٤) والحديث في سنده محمد بن مسلمة الواسطي أقل أحواله الضعف وسفيان ضعيف في الزهري. لكن الحديث أصله في الصحيحين من رواية الزهري، عن أبي إدريس، عن عبادة رضي الله عنه، دون قوله: "من يبايعني على هؤلاء الآيات ثم قرأ- قل تعالوا أتل ما حرم الله عليكم -حتى ختم الآيات الثلاث-". ولينظر (الصحيح مع الفتح ١/٦٤ وصحيح المسلم ٣/١٣٣٣) ولفظ الحاكم أخرجه عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ ابن مردوية عن عبادة بن الصامت (الدر المنثور ٣/٣٨١).
١١ انظر (التلخيص المستدرك ٢/٣١٨).


الصفحة التالية
Icon