٢- الفقر المتوقع مستقبلاً يؤيد هذا الفهم قوله تعالى: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ﴾ ١ وهنا قدم رزق الأولاد على الآباء لتعلق رزقهم بالمستقبل وكثيراًَ ما يكون الآباء عاجزين عن الكسب، يحتاجون إلى أن ينفق عليهم فقدم رزق الأولاد في مقام الخوف والخشية من عدم الكسب وقلة الرزق٢.
٣- الخوف من العار، وهذا خاص بالبنات. فقد كانوا يئدون البنات حماية للشرف، وبعداً عن السُّبة، لكنها وسيلة قاسية وظالمة، والغاية في الإسلام لا تبرز الوسيلة.
٤- التدين، فقد ينحر الجاهلي ولده تقرباً إلى الآلهة. وقد يستدل له بأن عبد المطلب نذر حين لقي من قريش ما لقي لئن ولد له عشرة أولاد لينحرن أحدهم، لكن ذكر ابن هشام أمرين يدفعان نهوض الاستدلال:
١- أن ابن هشام رحمه الله قال: فيما زعموا والله أعلم. هذه إشارة إلى عدم ثبوت القصة من وجه يعتمد عليه.
٢- إن النذر كان لله ولم يكن للآلهة كما ورد في القصة٣. وسواء ثبتت هذه الأسباب أولم تثبت فقد حرم الله عز وجل قتل الأولاد، في كتابه العزيز، وأكدت السنة النبوية المطهرة ذلك التحريم، وحذرت من ذلك العمل الجاهلي أشد التحذير، وقد شرط الله عز وجل في بيعة النساء عدم قتل الأولاد قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ﴾ ٤ الآية ومما جاء في السنة الحديث المتفق عليه واللفظ للبخاري أن رسول الله ﷺ قال: "سألت أو سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي الذنب عند الله أكبر؟ قال أن تجعل لله نداً وهو خلقك. قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك" الحديث٥ وفي آخره، قال: ونزلت هذه الآية ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ﴾ ٦ تصديقاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وإن فيما ذكرنا غنية لطالب الحق المستفيد، وفيه عون بإذن الله للباحث المستزيد.

١ الآية (٣١) من الِإسراء.
٢ المنار ٨/ ١٢٤.
٣ ابن هشام ١/٩٨.
٤ الآية (١٢) من الممتحنة.
٥ الصحيح مع الفتح ٨/٤٩٢.
٦ الآية (٦٨) من الفرقان.


الصفحة التالية
Icon