صلى الله عليه وسلم: "اتق الله حيث ما كنت، واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن" ١. وهذه الأحاديث وما في معناها مع الآية الكريمة تؤكد ارتباط النفس بمراقبة الله عز وجل واستصحاب التقوى في السر والعلانية وهي الصفة المنجية كما أخبر بذلك أنس رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ قال: "ثلاث منجيات خشية الله في السر والعلانية" الحديث٢. ويكمن الخطر في حالة انفصال المراقبة عن النفس في وقت ما، فمثلاً إذا احترز الإنسان عن المعصية في الظاهر، ولم يحترز عنها في الباطن، علم أن الاحتراز في الظاهر ليس لأجل الله عز وجل، فليست فيه طاعة ولا عبودية لله، وإنما كان الاحتراز خوفاً من مذمّة الناس وذلك باطل، لأن من كانت مذمة الناس عنده أعظم وقعاً على نفسه من عقاب الله عز وجل فإنه يخشى عليه من الكفر، وأي حظر أعظم من أن يعرض الإنسان نفسه لهذا الذنب العظيم، وأي نقمة أشد من سخط الله، نعوذ بالله من التهلكة ونعوذ بالله من سخطه ونقمته.
أما من ترك المعصية ظاهراً وباطناً، فذلك دليل على أنه إنما تركها تعظيماً لحدود الله أن ينتهكها، وتنفيذاً لأمر الله عز وجل بالاجتناب في كل حال، وتحقيقًا لعبوديته لله عز وجل. وخوفًا من عقابه٣. ولئن كان كتاب الله عز وجل حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن فكذلك سنة رسول الله ﷺ فقد أخرج الإمام البخاري بسنده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: "ما من أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش" الحديث٤. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ويكفي ورود هذا الحديث عن رسول الله ﷺ وفي أصحِ الكتب بعد كتاب الله. فحق على كل مسلم بالغ عاقل رشيد أن يجتنب ما حرم الله ظاهراً وباطناً، ويعلم أنه سيقف بين يدي الله عز وجل ويسأل عن هذه الوصية.
٢ ذكره الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير ٣/٦٤.
٣ انظر الرازي ١٣/٢٣٣
٤ الصحيح مع الفتح ١٣/٣٨٣، وانظر (صحيح مسلم ٤/٢١١٣).
الأحكام:
من الأحكام المستفادة من هذه الوصية:
١- وجوب الابتعاد عما حرم الله ظاهرا وباطنا.
٢- مراقبة الله عز وجل في كل حال خير معين على اجتناب المحرمات.