وجوده ولهم عند عدمه مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ أي هذه الأنصباء للورثة من بعد إخراج وصية يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ وذلك لأن أول ما يخرج من التركة الدين حتى لو استغرق الدين كل مال الميت لم يكن للورثة فيه حق فأما إذا لم يكن دين أو كان إلا أنه قضى وفضل بعده شيء، فإن أوصى الميت بوصية أخرجت من ثلث ما فضل، ثم قسم الباقي ميراثا على فرائض الله تعالى.
قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو بكر عن عاصم «يوصى» بفتح الصاد. وقرأ نافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي بكسر الصاد. آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً والمعنى أن قسمة الله لهذه المواريث أولى من القسمة التي تميل إليها طباعكم فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ أي فرض ذلك فريضة وهذا إشارة إلى وجوب الانقياد لهذه القسمة
التي قدرها الشرع وقضى بها إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً أي بالمصالح والرتب حَكِيماً (١١) في كل ما قضى وقدر.
قال ابن عباس: إن الله ليشفع المؤمنين بعضهم في بعض فأطوعكم لله تعالى من الأبناء والآباء أرفعكم درجة في الجنة، وإن كان الوالد أرفع درجة في الجنة من ولده رفع الله إليه ولده بمسألته ليقرّ بذلك عينه، وإن كان الولد أرفع درجة من والديه رفع الله إليه والديه ولذا قال تعالى:
لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً لأن أحد المتوالدين لا يعرف أن انتفاعه في الجنة بهذا أكثر أم بذلك. وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ من المال إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ ذكر أو أنثى منكم أو من غيركم والباقي لورثتهن فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ وارث واحد أو متعدد فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ من المال والباقي لباقي الورثة مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ أي هذه الأنصباء إنما تدفع إلى هؤلاء إذا فضل عن وصية يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ أي أو من بعد قضاء دين عليهن وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ من المال إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ ذكر أو أنثى منهن أو من غيرهن، والباقي لبقية ورثتكم من أصحاب الفروض والعصبات أو ذوي الأرحام، أو لبيت المال إن لم يكن لكم وارث آخر أصلا. فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ من المال والباقي للباقين مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ أي أو من بعد قضاء دين عليكم من المال وَإِنْ كانَ رَجُلٌ أي ميت يُورَثُ كَلالَةً أي لا ولد له ولا والد أَوِ امْرَأَةٌ أي أو كانت امرأة تورث كلالة وَلَهُ أي الميت أَخٌ أَوْ أُخْتٌ من أمه فقط فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا أي الأخ والأخت السُّدُسُ من غير تفضيل للذكر على الأنثى لأن الإدلاء إلى الميت بمحض الأنوثة فَإِنْ كانُوا أي من يرث من الأخوة من الأم أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ أي من الواحد فَهُمْ أي الزائد على الواحد كيفما كانوا شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ فالذكر والأنثى فيه سواء، والباقي لبقية الورثة من أصحاب الفروض والعصبات مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ للورثة بأن يوصي بأكثر من الثلث أو يقرّ بكل ماله أو ببعضه لأجنبي، أو يقر على نفسه


الصفحة التالية
Icon