وقرأ ابن كثير «واللذان» بتشديد النون. فَإِنْ تابا عما فعلا من الفاحشة بعد زواجر الأذية وَأَصْلَحا أعمالهما فيما بينهما وبين الله فَأَعْرِضُوا عَنْهُما أي اتركوا إيذاءهما إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً أي كثير القبول للتوبة ممن تاب رَحِيماً (١٦) أي واسع الرحمة. وقد نسخ الإيذاء باللسان للفتى والفتاة بجلد مائة. وقال أبو مسلم الأصفهاني والمراد بقوله تعالى: وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ السحاقات حدّهن الحبس إلى الموت أو إلى أن يسهل الله لها قضاء الشهوة بطريق النكاح. والمراد بقوله تعالى: وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ أهل اللواط وحدّهما الأذى بالقول والفعل. إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ أي إنما التوبة التي يجب على الله قبولها وجوب الكرم والفضل لا وجوب الاستحقاق للذين يعملون المعصية مع عدم علمه بأنها معصية لكن يمكنه تحصيل العلم بأنها معصية. ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ أي من زمان قريب وهو ما قبل معاينة سبب الموت وأهواله فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أي يتجاوز الله عنهم وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً بأنه إنما أتى بتلك المعصية لاستيلاء الشهوة والجهالة عليه. حَكِيماً (١٧) بأن العبد لما كان من صفته ذلك، ثم تاب قبل سوق الروح فإنه يجب في الكرم والإحسان قبول توبته وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ أي وليس التوبة للذين يعملون الذنوب إلى حضور موتهم أي علامات قربه وقولهم حينئذ: إِنِّي تُبْتُ الْآنَ. ولذلك لم ينفع إيمان فرعون حين أدركه الغرق.
روى أبو أيوب عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر
» «١» أي ما لم تتردد الروح في حلقه. وقال عطاء: ولو قبل موته بفواق الناقة. وعن الحسن أن إبليس قال حين أهبط إلى الأرض: وعزّتك لا أفارق ابن آدم ما دامت روحه في جسده
فقال الله: «وعزّتي لا أغلق عليه باب التوبة ما لم يغرغر»
وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أي وليس قبول التوبة للذين يموتون على الكفر إذا تابوا في الآخرة عند معاينة العذاب أُولئِكَ أي الكفار أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٨) بيان لكونهم مختصين بسبب كفرهم بمزيد العقوبة والإذلال نزلت هذه الآية في حق طعمة وأصحابه الذين ارتدوا. قاله ابن عباس. يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ أي عين النساء كَرْهاً أي لا يحل لكم أن تأخذوهن بطريق الإرث وهن كارهات لذلك أو مكروهات عليه. نزلت هذه الآية في حق أهل المدينة كانوا في الجاهلية وفي أول الإسلام إذا مات الرجل وكانت له زوجة جاء ابنه من غيرها أو بعض أقاربه فألقى ثوبه على المرأة وقال: