سورة المائدة
مدنية، مائة وعشرون آية، ألفان وثمانمائة وسبع وثلاثون كلمة، اثنا عشر ألفا ومائتان وستة أحرف
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ وهي جميع ما ألزمه الله تعالى عباده من التكاليف والأحكام الدينية، وما يعقدونه فيما بينهم من عقود الأمانات والمعاملات ونحوها مما يجب الوفاء به أو يحسن دينا أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ أي أحل لكم أحل البهيمة من الأنعام، وهي الأزواج الثمانية المعدودة في سورة الأنعام. وقيل: المعنى أحلت لكم ما يماثل الأنعام ويدانيها من جنس البهائم في الاجترار وعدم الأنياب، وذلك كالظباء وبقر الوحش ونحوهما من صيد البرية كحمر الوحش فأضيفت البهيمة إلى الأنعام لحصول المشابهة أي أحلت لكم البهيمة الشبيهة بالأنعام. وقيل: المعنى أحلت لكم أجنة الأنعام. وهذان القولان مرويان عن ابن عباس، وهذا الثالث مروي أيضا عن ابن عمر وهذا الوجه يدل على صحة مذهب الشافعي في أن الجنين مذكى بذكاة الأم إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ في هذه السورة غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ أي إلا إن كانت الأنعام ميتة أو موقوذة أو متردية أو نطيحة أو افترسها السبع أو ذبحت على غير اسم الله فهي محرمة وإلا أن تحلوا الصيد في حال إحرامكم أو في حال كونكم في الحرم فإنه لا يحل لكم ذلك إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ (١) من التحليل وغيره لا اعتراض عليه ولا معقب لحكمه فموجب التكليف والحكم هو إرادته لا مراعاة المصالح يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً أي يا أيها الذين آمنوا أقروا بالإيمان لا تحلوا معالم دين الله. أي لا تهاونوا شيئا من فرائضه تعالى ولا تحلوا الشهر الحرام: ذا القعدة، وذا الحجة، والمحرم ورجب بالقتال فيه والغارة.
قال أبو السعود: والمراد بالشهر الحرام شهر الحج. وقال عكرمة: هو ذو القعدة. واختار ابن جرير أنه رجب لأنه أكمل الأشهر الأربعة. ولا تحلوا الهدي بالعصب أو بالمنع عن بلوغ محله، وهو ما أهدي إلى بيت الله من إبل أو بقر أو شاة. ولا تحلوا ذوات القلائد من الهدي