وروى أبو الدرداء عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: من تكهن أو استقسم أو تطير طيرة ترده عن سفره لم ينظر إلى الدرجات العلى من الجنة يوم القيامة
وذلك ضلال باعتقاد أنه طريق إلى الدخول في علم الغيب، وافتراء على الله تعالى إن كان مرادهم بربي هو الله تعالى. وقال قوم آخرون: إنهم كانوا يحملون تلك الأزلام عند الأصنام يعتقدون أن ما يخرج من الأمر والنهي على تلك الأزلام فبإرشاد الأصنام وإعانتهم، فلهذا السبب كان ذلك فسقا أي شركا وجهالة، وهذا القول أولى وأقرب كما قاله الفخر. الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ أي هذا الزمان انقطع رجاء كفار مكة من إبطال أمر دينكم فَلا تَخْشَوْهُمْ أي فلا تخافوا المشركين في خلافكم إياهم في الشرائع والأديان فإني أنعمت عليكم بالدولة القاهرة والقوة العظيمة، وصاروا مقهورين لكم ذليلين عندكم وَاخْشَوْنِ أي ومحضوا الخشية لي وحدي في ترك أتباع محمد صلّى الله عليه وسلّم ودينه الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ بالنصر والإظهار على الأديان كلها والحكم ببقائه إلى يوم القيامة وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي بفتح مكة ودخولها آمنين وبانفراد المسلمين بالبلد الحرام وإجلاء المشركين عنه، حتى حج المسلمون لا يخالطهم المشركون وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً أي اخترته لكم من بين الأديان وهو الدين المرضي عند الله تعالى لا غير فَمَنِ اضْطُرَّ إلى تناول شيء من هذه المحرمات فِي مَخْمَصَةٍ أي مجاعة يخاف معها الموت غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ أي غير معتمد لإثم بأن يأكلها فوق الشبع تلذذا كما قاله أهل العراق أو بأن يكون عاصيا بسفره كما قاله أهل الحجاز فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لمن أكل المحرم عند ما اضطر إلى أكله رَحِيمٌ (٣) بعباده حيث أحل لهم ذلك المحرم عند احتياجهم إلى أكله يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ من الصيد. والسائلون عاصم بن عدي وسعد بن خيثمة، وعويمر بن ساعدة كذا قال عكرمة كما أخرجه ابن جرير.
وقال ابن عباس: والسائل بذلك زيد بن مهلهل الطائي وعدي بن حاتم الطائي وكانا صيادين، وكذا قال سعيد بن جبير أخرجه ابن أبي حاتم قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وهو كل ما يشتهى عند أهل المروءة والأخلاق الجميلة ما لم تستخبثه الطباع السليمة ولم تنفر عنه مما لم يرد نص بتحريمه من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس مجتهد وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ أي وأحل لكم صيد ما علمتموه من الكواسب من سباع البهائم والطير كالكلب والباز مُكَلِّبِينَ أي معلمين الجوارح الصيد تُعَلِّمُونَهُنَّ حال ثانية من ضمير علمتم. والمقصود من التكرار المبالغة في اشتراط التعليم وأن تكون من يعلم الجوارح نحريرا في علمه موصوفا بالتأديب مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ من طرق التعليم ومن الحيل في الاصطياد فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ أي كلوا بعض ما أمسكنه لكم وهو الذي لم يأكلن منه.
روي أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لعدي بن حاتم: «إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله فإن أدركته ولم


الصفحة التالية
Icon