والدسم وآتي النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني»
«١».
وروي أن عثمان بن مظعون أتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: ائذن لي في الاختصاء. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ليس منا من خصي ولا من اختصي. إن خصاء أمتي الصيام». فقال يا رسول الله ائذن لي بالسياحة فقال: «إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله» قال: يا رسول الله ائذن لي في الترهب قال: «إن ترهب أمتي الجلوس في المساجد لانتظار الصلاة»
«٢» وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً أي كلوا بعض رزقكم من الله الذي يكون حلالا مستلذا واصرفوا البقية إلى الصدقات والخيرات وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٨٨) في تحريم ما أحل الله لكم وفي المثلة لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ قد تقدم أن قوما من الصحابة حرموا على أنفسهم المطاعم والملابس واختاروا الرهبانية وحلفوا على ذلك على ظن أنه قربة، فلما نهاهم الله تعالى عنها قالوا: يا رسول الله فكيف نصنع بأيماننا؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ أي بتعقيدكم الأيمان بالقصد إذا حنثتم.
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وحفص عن عاصم «عقّدتم» بتشديد القاف. وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم «عقدتم» بتخفيف القاف. وقرأ ابن ذكوان عن ابن عامر «عاقدتم» بالألف والتخفيف فَكَفَّارَتُهُ أي فكفارة نكث الأيمان التي ليست بلغو إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ في قدر الطعام وهو ثلثا منّ لكل مسكين فإن الإنسان قد يكون قليل الأكل جدا يكفيه الرغيف الواحد، وقد يكون كثير الأكل فلا يكفيه المنوان والمتوسط الغالب يكفيه من الخبز ما يقرب من المن، فثلثا منّ من الحنطة إذا جعل دقيقا أو خبزا فإنه يصير قريبا من المنّ وذلك كاف في قوت اليوم الواحد أَوْ كِسْوَتُهُمْ بأقل ما يطلق عليه اسم الكسوة كإزار أو رداء، وقميص أو سراويل أو عمامة لكل مسكين ثوب واحد أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ وتقديم الإطعام على العتق لأن المقصود تنبيه على أن هذه الكفارة وجبت على التخيير بين هذه الثلاثة، ولأن الإطعام أسهل لكون الطعام أعم وجودا ولأن الإطعام أفضل لأن الحر الفقير قد لا يجد الطعام أما العبد فإنه يجب على مولاه إطعامه وكسوته فَمَنْ لَمْ يَجِدْ واحدا من هذه الثلاثة فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ولو متفرقة لما
روي أن رجلا قال للنبي صلّى الله عليه وسلّم على أيام من رمضان: أفأقضيها متفرقات فقال صلّى الله عليه وسلّم: «أرأيت لو كان عليك دين فقضيت الدرهم فالدرهم أما كان يجزيك؟» قال: بلى:
(٢) رواه أحمد في (م ٢/ ص ١٧٣).